ونظيره قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) .

* * *

فإن قيل: كيف قال تعالى: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ) أي الذين زعمتموهم آلهة من دون الله مع أن المشركين ما زعموا غير الله إلهاً دون الله، بل مع الله على وجه الشركة؟

قلنا: النص لا يدل على زعمهم حصر الألهية في غير الله أصلا، بل يوهم ذلك، ولو دل فنقول فيه تقديم وتأخير تقديره: قل ادعوا الذين من دون الله زعمتم أنهم شركاء الله.

* * *

فإن قيل: ما معنى التشكيك في قوله تعالى: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) ؟

قلنا: قيل إن "أو" هنا بمعنى الواو في الموضعين فيصير المعنى: نحن على الهدى وأنتم في الضلال، وقيل معناه: وإنا لضالون أو مهتدون، وإنكم كذلك وهو من التعريض بضلالهم، كما يقول الرجل

لصاحبه إذا أراد تكذيبه: والله إن أحدنا لكاذب، ويعنى به صاحبه.

* * *

فإن قيل: كيف قالت الملآئكة عليهم السلام في حق المشركين: (بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ) ولم ينقل عن أحد من المشركين أنه عبد الجن؟

قلنا: معناه بل كانوا يطيعون الشياطين فيما يأمرونهم به من عبادتنا أكثرهم بهم مؤمنون، أي أكثر المشركين مصدقون بالشياطين فيما

يخبرونهم به من الكذب أن الملآئكة بنات الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015