النّمرىّ مؤدبا، لم يسمع منه شعر قط قبل ذلك، ولا عرف به- فلما مثل هو وصاحبه بين يدى الرشيد قال لهما: قولا ما تريدان، فاندفع النّمرىّ فأنشد:

* ما تنقضى حسرة منّى ولا جزع*

فقال له الرشيد: قل حاجتك وعدّ عن هذا، فقال:

* إذا ذكرت شبابا ليس يرتجع*

/ وأنشده القصيدة حتى أتى إلى قوله:

ركب من النّمر عاذوا بابن عمّهم … من هاشم إذ ألحّ الأزلم الجذع (?)

متّوا إليك بقربى منك تعرفها … لهم بها فى سنام المجد مطّلع

إنّ المكارم والمعروف أودية … أحلّك الله منها حيث تجتمع (?)

إذا رفعت امرأ فالله رافعه … ومن وضعت من الأقوام متّضع

نفسى فداؤك والأبطال معلمة … يوم الوغى والمنايا بينهم قرع

حتى أتى إلى آخرها؛ فقال: ويحك! قل حاجتك فقال: يا أمير المؤمنين، أخربت الديار، وأخذت الأموال، وهتك الحرم؛ فقال: اكتبوا له بكلّ ما يريد؛ وأمر له بثلاثين ألف درهم، واحتبسه عنده، وشخص أصحابه بالكتب، ولم يزل عنده يقول الشعر فيه حتى استأذنه فى الانصراف فأذن له؛ ثم اتصل بالرشيد قوله:

شاء من النّاس راتع هامل … يعلّلون النّفوس بالباطل

تقتل ذرّيّة النّبيّ ويرجو … ن خلود الجنان للقاتل

ما الشّكّ عندى فى كفر قاتله … لكنّنى قد أشكّ فى الخاذل

فامتعض الرشيد وأنفذ من يقتله؛ فوجده فى بعض الروايات ميتا، وفى أخرى عليلا لما به، فسئل الرسول ألّا يأثم به؛ وأن ينتظر موته، ففعل ولم يبرح حتى توفّى، فعاد بخبر موته إلى هارون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015