امالي القالي (صفحة 124)

مطلب حديث يحيى بن طالب وشكايته ورحلته إِلَى بغداد ليسأل السلطان

وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى، قَالَ: حَدَّثَنِي أبى، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن سعيد، قَالَ: كان يحيي ابن طالب الحنفي شيخا كريما يقرى الأضياف ويطعم الطعام، فركبه الدين الفادح، فجلا عَنِ اليمامة إِلَى بغداد يسأل السلطان قضاء دينه، فأراد رجل من أهل اليمامة الشخوص من بغداد إِلَى اليمامة، فشيعه يحيى بن طالب، فلما جلس الرجل فِي الزورق ذرفت عينا يحيى وأنشأ يقول:

أحقاً عباد الله أن لست ناظراً ... إلى قرقرى يوماً وأعلامها الخضر

إذا ارتحلت نحو اليمامة رفقة ... دعاك الهوى واهتاج قلبك للذكر

أقول لموسى والدموع كأنها ... جداول ماء فِي مساربها تجرى

ألا هل لشيخ وابن ستين حجةً ... بكى طرباً نحو اليمامة من عذر

كأن فؤادى كلما مر راكب ... جناح غراب رام نهضاً إِلَى وكر

يزهدنى فِي كل خيرٍ صنعته ... إِلَى الناس ما جربت من قلة الشكر

فيا حزنا ماذا أجن من الهوى ... ومن مضمر الشوق الدخيل إِلَى حجر

تعزبت عنها كارها فتركتها ... وكان فراقيها أمر من الصبر

لعل الذى يقضى الأمور بعلمه ... سيصرفنى إليها يوما عَلَى قدر

فتفتر عين ما تمل من البكا ... ويصحو قلب ما ينهنه بالزجر

قَالَ أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى: حجر: قصبة اليمامة.

قَالَ: فغنى هارون الرشيد بشعر يحيى بن طالب:

أيا أثلات القاع من بطن توضح ... حنينى إِلَى أطلا لكن طويل

ويا أثلات القاع قد مل صحبتى ... مسيرى فهل فِي ظلكن مقيل

ويا أثلات القاع قلبى موكل ... بكن وجدوى خيركن قليل

ألا هل إِلَى شم الخزامى ونظرةٍ ... إلى قرقرى قبل الممات سبيل

فأشرب من ماء الحجيلاء شربةً ... يداوى بها قبل الممات غليل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015