وأقول في بيت آخر [له (?)] وهو قوله:

فيوما بخيل تطرد الرّوم عنهم … ويوما بجود تطرد الفقر والجدبا (?)

أنشد أبو زكريا يحيى بن علىّ التّبريزيّ: «بجود يطرد» بالياء، وقال: التاء فى «تطرد» للخيل، والياء فى «يطرد» الثانى للجود.

والصواب عندى إنشاد الثانى بالتاء كالأول، وتكون التاءان لخطاب الممدوح؛ لأمرين: أحدهما: أن خطابه قد جاء قبل هذا البيت وبعده، فمجيئه قبله فى قوله:

هنيئا لأهل الثّغر رأيك فيهم … وأنّك حزب (?) الله صرت لهم حزبا

وأنّك رعت الدّهر فيها وريبه … فإن شكّ فليحدث بساحتها خطبا

ومجيئه بعده فى قوله:

سراياك تترى والدّمستق هارب … وأصحابه قتلى وأمواله نهبى

والأمر الآخر: أنك إذا جعلت التاءين للخطاب علّقت الجارّين بالفعلين /اللّذين بعدهما، ولم تحتج إلى تقدير ما تعلّقهما به، فكأنك قلت: فيوما تطرد الرّوم عنهم بخيل، ويوما تطرد الفقر عنهم بجود، وإذا جعلت «تطرد» للخيل، و «يطرد» للجود كان الفعلان وصفين لخيل وجود، أى فيوما بخيل طاردة عنهم الروم، ويوما بجود طارد عنهم الفقر، فلا بدّ من تقدير ما يتعلّق به الباءان على هذا القول، فكأنك قلت: فيوما تحوطهم بخيل تطرد الروم عنهم، ويوما تنعشهم بجود يطرد الفقر عنهم، فالذى ذهبت إليه هو الصحيح الذى لا يخفى إلاّ على موغل فى التقصير.

...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015