ثم صرف محمد بن عيسى عن قضاء حلب وقنسرين في سنة 302 بأبي حفيص عمر بن الحسن بن نصر الحلبي. وكانت داره بسوق السّراجين. وعزل أبو الحفيص عن القضاء بحلب سنة 302 ووليها أبو عبد الله محمد بن عبده ابن حرب.

وتوفي عمر بن حسن القاضي سنة 307، وكان محمد بن عبده بن حرب بن حرب قاضياً فيها سنة 305.

ثم تولى قضاء حلب وحمص إبراهيم بن جعفر بن جابر أبو إسحاق الفقيه في سنة 306. وولي الخراج من قبل المكتفي بحلب الحسن بن الحسن بن رجاء ابن أبي الضّحاك. وتوفي بحلب في جمادى الأولى سنة 301 فجاءة.

وولي الخراج بعده علي بن أحمد بن بسطام، والإنفاق عبد الله بن محمد بن سهل، ثم توفي سنة 306. وتولى مكانه محمد بن الحسن بن علي الناظري.

وكان أبو العباس بن كيغلغ أديباً شارعاً جواداً وهو الذي مدحه المتنبي بقوله:

كم قتيل كما قتلت شهيدٍ

ومن شعر الأمير أحمد بن كيغلغ قوله:

قلت والجفون قرحى ... قد أقرح الدمع ما يليها

ما لي في لوعتي شبيهٌ ... قال: وأبصرت لي شبيها

ثم ولى مؤنس المظفر حلب أبا قابوس محمود بن حبك الخراساني، وكان جباراً قاسياً منحرفاً عن أهل البيت. وقيل: هو محمود بن حمل، فدام والياً بها إلى سنة 312.

وكان مؤنس المظفر بالشام، فاستدعي إلى بغداد لقتال القرمطي، فسار إليها، وولي حلب وصيف البكتمري الخادم سنة 312، ثم عزل عنها سنة 316.

ووليها في هذه السنة هلال بن بدر أبو الفتح، غلام المعتضد وكان أمير دمشق قبل ذلك، ثم عزل عن حلب، وولي قطربّل وسامرا في سنة 319. ووليها في هذه السنة وصيف البكتمري ثانية.

ومات بحلب على ولايته يوم الثلاثاء لثمان خلون من ذي الحجة سنة 317.

وكان كاتبه عبد الله والد أبي العباس أحمد بن عبد الله الشاعر المعروف بابن الكاتب البكتمري، فوليها الأمير أحمد بن كيغلغ ثانية إلى سنة 318.

ثم ولى مؤنس المظفر غلامه طريف بن عبد الله السبكري الخادم في سنة 319، وكان ظريفاً شهماً شجاعاً، وحاصر بني الفصيص في حصونهم باللاذقية وغيها، فحاربوه حرباً شديداً حتى نفذ جميع ما كان عندهم من القوت والماء، فنزلوا على الأمان فوفى لهم وأكرمهم، ودخلوا معه حلب مكرمين معظمين، فأضيفت إليه حمص مع حلب.

ثم إن القاهر قبض على مولاه مؤنس المظفر وتولى طريف قبضه وأحضره إلى القاهر في سنة 321، فرأى له ذلك.

وولى القاهر بشير الخادم دمشق وحلب، وسار إلى حلب ثم إلى حمص، فكسره ابن طغج وأسره، وخنقه، ووصل أبو العباس ابن كيغلغ إلى حلب فاتفق مع محمد بن طغج وحالفه.

وولي الخليفة الراضي بعد القاهر. وكان الراضي قد خاف على بدر الخرشني من الحجرية أن يفتكوا به، فقلده حلب وأعمالها وهي بيد طريف سنة 324، وأمره بالمسير من يومه. فسار وبلغ طريف، وأنفذ صاحباً له إلى ابن مقلة، وبذل له عشرين ألف دينار ليجدد له العهد، وأن لا يصرف من حلب. ووصل الخرشني فدافعه طريف، رجاء أن يقضي ابن مقلة وطره، فرجع بدر الخرشني، والتقى طريف في أرض حلب، فانهزم طريف من بين يديه.

وتسلم بدرٌ حلب، وأقام بها مدة يسرة ثم كوتب من الحضرة بالانصراف، فرجع إلى الحضرة، وقلّد طريف حلب مرة ثالثة، فقلد طريف السبكري من جهته حلب والعواصم فأقام بها إلى سنة 324. وكان قاضي حلب عبيد الله بن عبد الرحمن بن أخي الإمام.

ثم ولي حلب أبو العباس أحمد بن سعيد بن العباس الكلابي ومدحه أبو بكر الصنوبري. وكان بها نائباً عن أبي بكر الإخشيد محمد بن طغج بن جف في غالب ظني فإن الإخشيد استولى على الشام إلى سنة 328.

وفي ولاية أبي العباس، وردت بنو كلاب إلى الشام من أرض نجد، وأغارت على معرة النعمان، فخرج إليهم والي المعرة معاذ بن سعيد بجنده، وتبعهم إلى البراغيثي، فعطفوا عليه، وأسروه وأكثر جنده، وأقام فيهم مدة يعذّبونه، فخرج إليهم أبو العباس أحمد بن سعيد الكلابي والي حلب فخلصه مهم. وكان ورودهم في سنة 325.

ثم إن الراضي قدم الموصل، وكان أبو بكر محمد بن الرائق ببغداد، وبينه وبي بجكم وحشة، فأنفذ الراضي أبا الحسين عمر بن محمد القاضي إلى أبي بكر محمد بن الرائق يخيره في أحد البلدين واسط أو حلب وأعمالها، فاختار حلب، وأراد بذلك البعد عن بجكم، فأجابه الراضي إلى ذلك، وخلع عليه أبو جعفر وأبو الفضل ابنا الراضي وعقدا له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015