الثالث والثلاثون: تجوز مشاركة المسلم للكافر في التجارة بشرط أن يكون القرار النهائي للمسلم في المعاملات أي بمعنى أن يكون مدير الشركة هو المسلم.

الرابع الثلاثون: يجوز استنصاح بعض المعاهدين وأهل الذمة إذا دلت القرائن على نصحهم إذ لا يلزم من مجرد كون الرجل كافراً أن لا يوثق به في شيء أصلاً.

الخامس والثلاثون: يجوز أن يستطب المسلم الكافر إذا كان ثقة.

السادس والثلاثون: مشروعية العفو عن الظالم الكافر إذا اقتضت المصلحة الشرعية ذلك , كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع كفار مكة المحاربين وَقَالَ لَهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ: «مَا تَرَوْنَ أَنِّي صَانِعٌ بِكُمْ؟» قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ قَالَ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ» وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع من سحره من اليهود فلم يطلب حقه عليه السلام لئلا يُثير على الناس أمور لا تُحمد عقباها , وعلى كل حال الأدلة على عفو النبي عليه السلام لخصومه كثيرة ليس هذا موضع بسطها.

خلاصة حكم مودة المؤمن للكافر:

محبة عين الكافر المحارب أو محبة عموم الكفار أياً كانوا محاربين أو مسالمين أمر محرم بالإجماع ولو كان محبة طبيعية ناهيك أن تكون دينية علماً بأن محبة الكافر لملته أو لصفة دينية فيه تُخالف الشرع ليست كفراً بإطلاق وإن كانت تلك المحبة محرمة بالإجماع , وذلك أن الحُبَّ القلبي الديني لغير المسلمين لأجل دينهم الباطل ليس شيئًا واحداً، فمنه ما ينقض الولاء والبراء من أساسه، ويَكْفُرُ صاحبُه بمجرّده ومنه ما يَنقصُ من الولاء والبراء ولا يَنقضُهُ، فيكون معصيةً تَنقصُ الإيمانَ ولا تنفيه , أمّا الحبّ القلبيُّ الذي يَنقضُ الولاء والبراء وينفي أساسَ الإيمان فهو حُبُّ الكافر لكُفره , وأمّا الحبُّ القلبي الذي لا يصل إلى حدّ النَقض، لكنه يُنقصُ الإيمانَ، ويدل على ضعفٍ في معتقد الولاء والبراء، فهو محبّة الشخص كافراً كان أو مسلماً لِفسْقِه أو لمعصيةٍ يقترفها فهذا إثمٌ ولاشك، ولكنه لا يصل إلى درجة الكفر لكونه لا ينافي أصل الإيمان؛ وهذا الحبّ قد يكون كبيرة من كبائر الذنوب، وقد لا يكون كذلك، بحسب حال المحبوب ومعصيته، فمن أحبّ محبوباً لارتكابه الكبائر، فهذا الحب كبيرة، ومن أحبّه لصغيرة يرتكبها، فلا يزيد إثمه على إثم من ارتكبها.

وأمّا الحبّ الجبلي الطبيعي للكافر المعين المسالم للدين وأهله والذي يعسر التحرز من مودته لحرمة أو كراهة هجره وقطع أسباب محبته , كحبّ الوالد لولده الكافر، أو الوَلَدِ لوالديه الكافرين، أو الرجل لزوجته الكتابيّة، أو المرْءِ لمن أحسنَ إليه وأعانه من الكفار وكان له حق في صلته فهذا الحُبّ مباح ولا يؤثر في كمال الإيمان وفي معتقد الولاء والبراء، لكونه مباحاً من المباحات، مادام لم يؤثر في بُغْضه لكفر الكافرين، وفسق الفاسقين، ومعصية العاصين , أمّا إذا أثّر في بُغْضه، فإنه يعود إلى أحد القسمين السابقين، بما فيهما من تفصيل , والذي ينبغي من جهة الكمال أن يكون تعامل المرء مع الكفار تعاملاً ظاهرياً بالعدل ولا يكون في قلبه ميل لهم ولا مودة لهم خروجاً من خلاف أهل العلم، وإنما إذا أحسنوا إليه فإنه يُحسن إليهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015