ويقول الرادّ من المسلمين الرد الشرعي باللفظ الشرعي، مثل تحيته أو أحسن لعموم قوله تعالى: (وإذا حُييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردّوها).

قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ:

" فلو تحقق السامع أن الذي قال له: سلام عليكم لا شك فيه، فهل له أن يقول: وعليك السلام أو يقتصر على قوله: وعليك؟ فالذي تقتضيه الأدلة وقواعد الشريعة أن يقال له: وعليك السلام، فإن هذا من باب العدل، والله تعالى يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها). فندب إلى الفضل، وأوجب العدل، ولا ينافي هذا شيئاً من أحاديث الباب بوجه ما، فإنه صلى الله عليه وسلم، إنما أمر بالاقتصار على قول الراد: وعليكم على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم، ثم قال ابن القيم: والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ فإنما يعتبر عمومه في نظير المذكور لا فيما يخالفه. قال الله تعالى: (وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول) المجادلة / 8.

فإذا زال هذا السبب، وقال الكتابي: سلام عليكم ورحمة الله فالعدل في التحية أن يرد عليه نظير سلامه. انتهى من أحكام أهل الذمة 200/ 1.

حكم الثناء على الكفار ومدحهم:

الثناء والمدح إما أن يكون للصفات والخلال، أو أن يكون للأشخاص والأعيان.

فأما حكم الثناء والمدح للصفة فكل صفة محمودة شرعاً فلا مانع من مدحها بل يلزم ذلك أحياناً بغض النظر عمن صدرت منه , وكل صفة مذمومة شرعاً فيحرم إقرارها والثناء عليها بغض النظر عمن صدرت منه.

ويدل على هذا بوضوح مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم لحلف الفضول أو حلف المطيبين.

وقد كان حلفا في الجاهلية بين قوم كفار، لكنه لما كان من أجل إغاثة الملهوف ونصرة المظلوم ورد الحقوق إلى أهلها جاز الثناء عليه لأجل ذلك.

فقال صلى الله عليه وسلم: (شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلام فما أحب أن لي حمر النعم وأني أنكثه). وحلف المطيبين – كما في النهاية -: (اجتمع بنو هاشم وبنو زهرة وتيم في دار ابن جدعان في الجاهلية وجعلوا طيبا في جفنه وغمسوا أيديهم فيه، وتحالفوا على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم، فسموا مطيبين) أهـ.

والمراد بحلف المطيبين هو حلف الفضول، كما جزم بذلك الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (2/ 291).

ومن الأدلة أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة: (أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل)، وقد قال لبيد ذلك في جاهليته قبل أن يسلم، فإنه ترك الشعر بعد إسلامه ولم يقل إلا بيتاً واحداً ليس هذا هو، فلم يتحرج النبي صلى الله عليه وسلم من مدح كلمة قالها كافر حال كفره، ما دامت حقاً.

وأما حكم الثناء على أشخاص الكفار ومدحهم لأجل كفرهم فمحرم بل هو كفر بالاتفاق وأما الثناء على الكفار ومدحهم لأجل دنياهم فيختلف حكمه بحسب الباعث عليه فإن كان الثناء عليهم ومدحهم بلا سبب يقتضي ذلك شرعاً , وكان على وجه يدعو للفتنة بهم وموالاتهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015