حكم معاملة الكافر بما يدل على مودات القلوب

يكون العموم فيها بحسب اللفظ ... انتهى) , ولبيان مزيد من الفائدة أنقل ما قاله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعليقاً على ما قاله ابن تيمية رحمه الله: (وهذا القول هو الصحيح: أنها تعم ذلك الشخص؛ لأنها تختص بنوع ذلك الشخص أو تعم نوع ذلك الشخص فقط. مثال ذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ليس من البر الصيام في السفر).فهذا اللفظ عام، لكن سببه خاص بالنوع وخاص بالشخص، فهل نخصصه بذلك الشخص؟

يقول شيخ الإسلام: ما أحد قاله من المسلمين، وهل نخصصه بذلك النوع؟ يمكن ذلك إذا علمنا أن العلة والسبب في ذلك النوع لا يتعداه لغيره فإننا نخصصه بذلك النوع، وإذا أخذنا بالعموم في حديث: (ليس من البر الصيام في السفر)، قلنا: إن الصيام في السفر ليس من البر؛ سواء شق على الإنسان أم لم يشق. وإذا خصصناه بالشخص قلنا ليس من البر باعتبار ذلك الرجل الذي رآه النبي عليه الصلاة والسلام عليه زحام ظللاً عليه، كأنه قال ليس صومه من البر وهذا أيضاً خطأ لا أحد يقوله من المسلمين مثل ما قال الشيخ، وإذا قلنا: إنه خاص بالنوع، قلنا: ليس من البر الصيام في السفر فيمن حاله كحال ذلك الشخص يشق عليه، فإنه ليس من البر أن يصوم في السفر بخلاف من لا يشق، وهذا القول الوسط هو الصواب، وأنه يجب أن يعدى الحكم الوارد على سبب معين إلي نوع ذلك المعين فقط لا إلى العموم، ولا أن يختص بنفس ذلك الشخص.

وهنا نشير إلي أن ربطه بعلته أولى من التعميم؛ لأننا لو عممناه لاحتجنا إلي دليل على التخصيص، لكن كأنه من العام الذي أريد به الخصوص.

وفرق بين قوله: (ليس من البر) وبين قول: (البر ألا يصوم)، لأنه قول قال: (ليس من البر) فهو من الإثم.

والرخصة لا نؤثم من لم يفعلها، اللهم إلا إذا اعتقد في نفسه الاستغناء عن رخصة الله له فهذا شئ آخر، فيكون آثماً من هذا الوجه، وأما من قال: الحمد لله الذي رخص لي لكن أنا قوى ونشيط، فهذا غير.

فورود الحديث ونزول الآية هذا هو المسبب. فالآية أو الحديث قد يكون معناها خفياً إلا إذا عرفت سبب النزول .... انتهى).

وعلى هذا فتحقيق القول في هذه القاعدة أن نقول "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب إلا إن وجد الدليل الذي يدل على تخصيص العموم بمثل حالة السبب".

وعلى هذا يتيبن لنا أن البراء من المشركين ليس على مرتبة واحدة، بل هو مراتب متفاوتة، يتراوح بين قتالهم وهو أعلاها وبين بغض عملهم وهو أدناها، وبينهما مراتب كثيرة , وهذه المراتب تختلف بحسب اختلاف أصناف المشركين وحالهم فمودة الزوجة الكتابية أو الوالدين المشركين أو من كان في معناهم لا يتنافى مع بغض الكفر الذي هم فيه وقد قال ربُّنا عز وجل حكاية عن بعض أنبيائه: {إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ القَالِين} وقال " فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ " فأمره بالبراءة من عملهم القبيح لا منهم وإن كان هذا ليس على إطلاقه.

أما محبَّة دين الزوجة الكتابية المحرَّف والميل إليه والإعجاب به فحرام شرعاً , كما علَّمنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن نقول: (ونخلع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015