تزكيتهم وتعليمهم الكتاب والسنة فانتشر الإرجاء وضاعت معالم التوحيد وحقيقة العبادة.

وبين هؤلاء وأولئك وقفت فئة تقتفي الآثر، وتصحح المنهج وتقود الناس إلى الصراط المستقيم على منهج أهل السنة والجماعة وسلف الأمة، ينفون عن هذا الدين غلو الغالين وانتحال المبطلين وتفريط الكسالى والمرجئين ودعاوى المرجفين الزائغين، ووسط هذا الواقع المؤلم والاضطراب المهلك تشتد الحاجة إلى إرشاد الأمة إلى الصراط المستقيم والمنهج الوسط القويم لإنقاذها من كبوتها وإيقاظها من رقدتها، وتذكير الدعاة والمصلحين بالمنهج الحق والطريق البين الواضح:

(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ) [الأنعام: 153].

ولقد تأملت طويلا عند قضية الغلو والجفاء، والإفراط والتفريط؛ وأيقنت أن الأمة بأمس الحاجة إلى منهج الوسطية منقذا لها من هذا الانحراف الذي جلب عليها الرزايا والمصائب والنكبات.

وجدت أن القرآن الكريم، قد رسم لنا هذا المنهج في جميع جوانبه أصولا وفروعا وعقيدة وعبادة وخلقا وسلوكا وتصورا وعملا.

ولقد جاء منهج الوسطية من خلال القرآن الكريم في أساليب عدة تصريحا وإيماء، مفصلا، مجملا، خبرًا وإنشاء وأمرًا ونهيا.

واقتناعا مني بأهمية هذا الموضوع ومسيس الحاجة إليه فقد رأيت أن أقدم بحث الماجستير في موضوع يتعلق بالوسطية من خلال البحث في آيات القرآن الكريم متأملا لآيات الذكر الحكيم، متفكرا في دلالاته محاولا أن استوعب ما كتبه المفسرون حول تقرير القرآن لمنهج الوسطية وسميته (الوسطية في القرآن) وقد شجعني على ذلك مشايخي وأساتذتي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015