ولو أدركته الخيل شال برجله ... كما شال يوم الخال كعب بن أصمع

في شعر كثير يكاد يفوتُ الجمع، ولا يأتي عليه العدَّ؛ كل يحيل الأعداءَ بالسّبْق والنجاء، وينسُب خيلَه الى التقصير ولا يرى ذلك عيباً، ولا يعده نقصاً، ولم ينقم ناقِم، ولم يعِبه به عائب.

وقد قالت العرب في معنى أبي الطيب بعينه. قال شريخ بن قرواش العبسي:

عشيةَ نازلت الفوارس عنده ... وزلّ سناني عن شريح بن مسهر

وأقسمُ لولا درعه لتركته ... عليه عواف من ضباع وأنْسر

وقال ورْقاء بن زهير في هذا المعنى لما ضرب خالد بن جعفر وهو بارك على زهير بن جَذيمة:

فشلّت يَميني يومَ أضرِبُ خالداً ... ويمنعُه منّي الحديدُ المُظاهَرُ

فهو إنما دعا على يمينه بالشلل تأسّفاً، ولم يذمَّ سيفه ولم يذكر نُبوّه، ولا نعاه عليه ناعٍ من أعدائه، كما نُعِي على الفرزدق نُبوّ سيفه على عنق العلْج الخراساني، ولو كانت فيه وصْمَة أو لحق سيف ورْقاء منه مَعابة لما جعله الفرزدق عُذْراً يحسِّنُ به فعلَه، وحجّةً يناضِلُ بها خصْمَه فيقول:

فسيف بني عبس وقد ضرَبوا به ... نَبا بيَديْ ورْقاء عن رأسِ خالدِ

ولو كان مراده بهذا تقريع بني عبْس لا الاحتجاج لنفسه لما قال:

كذاك سيوفُ الهِنْد تنْبو ظباتها ... ويقطَعْنَ أحياناً مَناطَ القلائِد

وقال طريف بن تميم لما طعن شيطان بن عمرو الشيباني:

ألا ليت شعري والخطوبُ كثيرة ... بما آب شيطان بن عمرو بن مرثد

ولم أدر ما أثْوابُه غير أنني ... غبأت له بالرمح مُستَمْكِناً يدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015