المسيحيين لم يسمح تعصب المستشرقين لهم أن يعترفوا بتلك الحقيقة الدالة على أن أهل دينهم من المسيحيين قد قبلوا الإسلام بكل سرور وبكل إخلاص ورضا. والتحليل الكلي يخبرنا أن الأغلبية العظمى للقبائل العربية قد قبلت الإسلام ودخلت في كنفه، ولم يعد خارج هذه الدائرة سوى بعض الفئات والأفراد ممن كانوا يعيشون في المناطق الحدودية.

وبديهي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن مطالبًا من رب العزة آنذاك أن يُدخل أهل الدنيا كلهم في الإسلام، بل كان عليه آنذاك أن يُدخل مجموعة كبيرة من البشر في كنف الإسلام، لتقيم مثالاً عمليًا أمام الناس، وهو ما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد بلغ رسالته إلى جميع أفراد البشرية. والآن فإن على هذه الأمة الإسلامية مجتمعة تقع فريضة نشر الإسلام وعليهم أن يبلغوا الناس جميعًا به!!

بناء الدولة الإسلامية:

أظهر المستشرقون والمؤرخون الجدد خطأين كبيرين فيما يتعلق بالدولة والحكومة الإسلامية: الأول هو أن الدولة الإسلامية لم تشمل جميع شبه الجزيرة العربية، وكانت محصورة في مركز أو وسط الجزيرة العربية، والخطأ الثاني هو أن الدولة الإسلامية كانت قائمة على النظام القبلي القديم للعرب، وفيه كانت تفتقد إلى المركزية.

وفيما يتعلق بالخطأ الأول، لو استعرضنا التاريخ الإِسلامي فسوف نعرف أنه في المجتمع المدني وبعد الهجرة، فإن الدولة الإِسلامية التي قامت ونشأت كانت منذ البداية دولة مدنية، ثم بعدها ونتيجة للمهمات الأولى التي أرسلها الرسول، ونتيجة لمعاهدات الصلح والتفاهم مع القبائل المختلفة والصحيفة النبوية والغزوات والسرايا، بدأت الدولة تتسع تدريجيًا في جميع الجهات، وبعد غزوة بدر انتشرت وتوسعت بسرعة جهة الحدود الغربية، وإن كان توسعها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015