ودفعهم غرورهم إلى التآمر على الدولة الإِسلامية الناشئة، تلك التي تعاهدوا على أن يكونوا أوفياء لها، وأن يتحملوا مسئولية الدفاع عنها، وطبقًا للمعاهدة، وحين ذهب الرسول إليهم للحصول على النصيب الواجب دفعه في دية قتل بني عامر، تآمر اليهود عليه وحاولوا قتله صلى الله عليه وسلم، وتم عقابهم عن غدرهم هذا بنفيهم، وحصلوا على جميع التسهيلات التي حصل عليها من قبلهم بنو قينقاع، حتى إنه سمح لهم بالحصول على فوائد قروضهم التي كانت لدى المسلمين، وحصلوا عليها كاملة، وطبقًا لأقوال المؤرخين خرج هؤلاء اليهود من ديارهم معززين مكرمين لدرجة أن نساءهم قمن بوضع ما يمتلكن من ذهب للزينة على أجسادهن.

ومن الملاحظ أن قضية بني قريظة كانت مختلفة إلى حد ما، فقد نقضوا المعاهدة في وقت حرج ودقيق، كان المسلمون فيه بين الحياة والموت وهو ما حدث في الأوقات الحرجة من غزوة الخندق حين أرادوا مساعدة الأعداء بكشف جناح المسلمين، ولم تنجح مؤامرتهم بتوفيق من الله، وبعد عودة جيوش الأحزاب، اتخذت ضدهم إجراءات عسكرية، وفي النهاية اضطروا إلى إلقاء السلاح والتسليم دون شروط، وأصدر حكمًا ضدهم رجل انتخبوه هم هو سعد بن معاذ الأوسي، الذي حكم عليهم طبقًا لما جاء في التوراة، وهو قتل جميع الرجال العاقلين البالغين، وأن تصبح زوجاتهم إماءً وأطفالهم غلمانًا، وقد أثبت باحثان مسلمان هما (و. ن. عرفات) و (بركات أحمد) أن جميع بني قريظة لم يقتلوا، كما أن أولادهم ونساءهم لم يصبحوا غلمانًا وإماءً، بل إن رؤساءهم فقط اعتبروا مجرمي حرب فقتلوا، وتم العفو عن بقيتهم، وردت إليهم أموالهم، كما توضح مصادرنا القديمة أيضًا أن عددًا من أسر بني قريظة وأفرادها تم العفو عنهم بوساطة بعض المسلمين، على شرط أن يتبع اليهود سلوكًا يتسم بالوفاء، وردت إليهم أملاكهم وممتلكاتهم جميعًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015