الكوفة، إلا أن أحدًا لم يعترض على هذا التعيين، بل إن أشراف الكوفة الذين تسببوا في عزل الوليد عادوا معه إلى الكوفة، ولم يتهم أحد الخليفة الثالث بأنه عين أحد أقاربه؛ لأنه كان صحابيًا جليلاً، وكان عضوًا من أعضاء مجلس كتابة وتدوين المصحف العثماني، وكان ذا شخصية عالية، وظل واليًا على الكوفة لخمس سنوات، واعترف الجميع بما له من قدرة على الإدارة، وبما له من كفاءة وصلاحية. وفي نهاية خلافة عثمان حين طالب أهل الكوفة بتغيير الحاكم، قام عثمان بناءً على طلبهم بتعيين أبي موسى الأشعرى حاكمًا للكوفة.

أما طلب عزل أبي موسى الأشعرى عن ولاية البصرة، فقد قدمه أكابر المدينة. كما طالبوا أيضًا بتعيين حاكم شاب قادر على الإدراة، وهكذا قام عثمان بالاستجابة إلى طلبهم. وعين عبد الله بن عامر بن كُريز حاكمًا للبصرة. وكان بقاؤه في وظيفته هذه راجعًا إلى ما له من قدرة إدارية أو ما أدَّاه من خدمات جليلة. بل كان ذلك لأنه يُرضي مثيري الفتن بالبصرة، وهذا هو السبب الذى جعله يبقى في وظيفته هذه حتى آخر خلافة عثمان، ولم يشك أحد منه، وقد جاء مدح أعماله الطيبة على لسان علي رضي الله عنه.

وبعد عزل عمرو بن العاص عن ولاية مصر تم تعيين عبد الله بن سعد ابن أبي سرح العامري، ولم يكن أمويًا، بل كان أخًا لعثمان رضي الله عنه في الرضاعة. وصحيح أن عبد الله ارتد عن الإسلام بعد أن أسلم، إلا أن الحقيقة تشهد أنه تاب وأصلح وعاد إلى الإسلام، وجميع الروايات تشهد بأنه كان مسلمًا صالحًا وصادقًا. وأولئك الذين أساءوا إليه بسبب ارتداده ينسون أن الإِسلام يَجُبُّ ما قبله، كما ينسون أن سخريتهم به ليست من العدل في شىء، ففي زمان ولاية سعد رضي الله عنه على مصر، زاد خراجها زيادة كبيرة، وهذه الزيادة قد رآها البعض نتيجة للظلم والقهر، على حين تثبت الأبحاث أن ذلك كان نتيجة لحسن إدارته. لقد أقام صلة مباشرة بين الحكومة والزراع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015