قَالَ ابْن الرُّومِي فِي تَوْجِيه ذَلِك فِي شرح الْأُصُول إِن النَّفْي دخل على الْإِيجَاب فانه إِذا قَالَ لَهُ عِنْدِي مائَة إِلَّا دِرْهَمَيْنِ اعْترف بِثمَانِيَة وَتِسْعين فَإِذا أدخلت النَّفْي على هَذَا فكأنك قلت مَاله عِنْدِي ثَمَانِيَة وَتسْعُونَ فَأتيت بِالِاسْتِثْنَاءِ تحكى صُورَة الْإِيجَاب إِلَّا أَنه اسْتثِْنَاء من نفي

قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وعَلى هَذَا فَمن نصب فِي الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي لَا يكون مثبتا للمستثنى وَمن لافع يكون مثبتا وَكَأن الناصب جَاءَ بِكَلَامِهِ النَّافِي ردا على من أثبت والرافع ابْتِدَاء وعَلى هَذَا فَيكون قَوْله تَعَالَى (466) مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم على هَذِه الْقِرَاءَة فِي قُوَّة مَا فعله أَكْثَرهم وَقَالَ بَعضهم هَذَا الَّذِي قَالَه ابْن السراج إِنَّمَا هُوَ على لُغَة من يرفع المستثني من النَّفْي فَإِذا نصب فَيكون قد نطق بِكَلَام غير عَرَبِيّ فَيلْغُو وَأما على لُغَة من يجوز النصب فَيكون مقرا وَهُوَ حسن انْتهى كَلَامه وَهُوَ وَاضح فَلَو قَالَ نحوى مَاله عِنْدِي عشرَة إِلَّا درهما وَرفع إِلَى حَاكم حكم عَلَيْهِ إِن رَآهُ إِقْرَارا وَإِلَّا كَسَائِر مسَائِل الْخلاف فَلَو كَانَ الْمقر لَهُ يعْتَقد أَن هَذَا لَيْسَ إِقْرَارا فَهَل ينفذ الحكم ويسوغ الْأَخْذ يَنْبَغِي أَن يخرج على مَا إِذا حكم حَنَفِيّ بشفعة الْجوَار لمن يعْتَقد خِلَافه وفيهَا وَجْهَان لنا وللشافعية مَعَ أَن هَذَا يدْخل فِيمَا حَكَاهُ صَاحب الْمُحَرر من الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا تقدم

فَلَو ادّعى الْمقر أَنه قصد أَن يحْكى صُورَة الْإِيجَاب لَا الْإِقْرَار فَهَل يقبل مِنْهُ مَحل تردد لتردد النّظر فِي مُخَالفَته للظَّاهِر أما الْجَاهِل بِالْعَرَبِيَّةِ فَيتَوَجَّه فِيهِ القَوْل الْمُتَقَدّم وَهُوَ مؤاخذته بلغته وعرفه

فصل

إِذا قَالَ لَهُ عَليّ ألف إِلَّا شَيْء قبل تَفْسِيره بِأَكْثَرَ من خَمْسمِائَة لَكِن لَا يجوز اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر فَيتَعَيَّن حمله على مَا دون النّصْف قَالَه فِي الْمُغنِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015