فصل

قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين هَذِه الْأَلْفَاظ يَعْنِي الْإِقْرَار تَارَة تكون مُبتَدأَة وَهُوَ ظَاهر وَتارَة تكون جَوَاب طلب وَتارَة جَوَاب خبر وَتارَة جَوَاب اسْتِفْهَام من الْمقر لَهُ أَو من الشُّهُود أَو من غَيرهمَا ثمَّ تَارَة يكون بِحَضْرَة الْحَاكِم وَتارَة بِحَضْرَة من يعلم أَنهم يشْهدُونَ عَلَيْهِ وَتارَة مُطلقًا وَقد تقدم هَذَا الْقسم فِي الشَّهَادَات ثمَّ هَذِه الْأَلْفَاظ قد تظهر على وَجه التهكم والاستهزاء فَهَذِهِ أَقسَام لَا بُد من اعْتِبَارهَا

قَوْله وَإِن قَالَ لَهُ على مائَة إِن شَاءَ الله

قَالَ أَبُو طَالب سَمِعت الإِمَام أَحْمد قَالَ إِذا قَالَ الرجل على ألف دِرْهَم إِن شَاءَ الله فقد أقرّ لَيْسَ اسْتِثْنَاؤُهُ بشئ وعَلى هَذَا الْأَصْحَاب لِأَنَّهُ وصل بِإِقْرَارِهِ مَا يرفعهُ وَاللَّفْظ لَا يحْتَملهُ فصح الْإِقْرَار وَبَطل مَا يرفعهُ كاستثناء الْكل

قَالَ أَبُو الْخطاب وَغَيره وَلَا يلْزم إِذا قَالَ لَهُ على ألف قبضهَا لِأَن ذَلِك يحْتَملهُ اللَّفْظ وَكَذَا ذكره القَاضِي وَالْأولَى الْمَنْع كَمَا قطع بِهِ غير وَاحِد وَلِأَنَّهُ عقب الْإِقْرَار بِمَا لَا يُفِيد حكما آخر وَلَا يَقْتَضِي رفع الحكم أشبه مَا لَو قَالَ لَهُ عَليّ ألف فِي مَشِيئَة الله وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ وَالشَّافِعِيّ لَا يَصح الْإِقْرَار وَهُوَ احْتِمَال فِي الرِّعَايَة لِأَنَّهُ علق إِقْرَاره بِشَرْط فَلم يَصح كتعليقه على مَشِيئَة زيد وَلنَا فِي هَذَا الأَصْل وَجْهَان

أَحدهمَا الصِّحَّة كتعليقه بمشئة الله تَعَالَى

وَالثَّانِي لَا يَصح لإن الْإِقْرَار إِخْبَار بِحَق سَابق فَلَا يعلق على شَرط مُسْتَقْبل فعلى هَذَا الْفرق أَن مَشِيئَة الله تَعَالَى تذكر فِي الْكَلَام تفويضا إِلَيْهِ وتبركا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015