فالاقتصار في درء تلك المفاسد على ترتيل التَّضرُّعات والابتهالات، مع الاعتراض (?) عن كل مخرِّف أو مُحدَث في الدين ما ليس منه، لا يرفع وجوب الأمر بالعرف (?) والنهي عن المنكر، كفانا ما أسند أهل الزَّيغ من الوصمات إلى أصل الدِّين، بسبب هكذا أعمال خالفت أصله المؤصل، وركنه الموطّد، هذا ما أدمى القلوب، إننا بين ظهراني طوائف متنوّعة، تعلم معالمنا القويمة، وتستخفّ من انتباذها، وبين أمم زائغة، ديدنها النَّقد والهزء، مع ما هي عليه من الجهل المركَّب، فما أوجب أن نتحصَّن بأصول هذا الملجأ الممنع، الذي {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] ، وما أليق أن نتكمل بقول عز من قائل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3] ، فضلاً عما وراء ذلك من نتائج حسنة، تعزّز روح حياتنا الاجتماعية من كل وجه، هذا رفع الصّوت بالذِّكر أمام الجنائز -فضلاً عن غيره من التَّمطيط والتَّشدُّق- لهو جزئية من جزئيات بدع شوهت أصل الدين، بنظر كل جاهل فيه، ولكن كم من بدعة صغيرة لم تلبث حتى اتّسع خرقها، وعظم وزرُها، وكم من محرمات ومستنكرات هكذا كان بدؤها؟

فاربأوا أهل الإسلام بدينكم عن طعن الطَّاعنين، واستثمروا نتائجه التي ترقى بنا إلى أوج السَّعادة والفلاح {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَآمِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الحديد: 28] .

فنسألك اللهم غفراناً على ما اقترفناه، ومعونةً على كل عمل ترضاه، والحمد لله رب العالمين.

20 جمادى الأولى سنة 1344

كتبه

سعيد الحمزاوي (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015