ومثله - أيضا - نقده للحطيئة حين يقول:

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجدْ خير نار عندها خير موقِد1

وذلك بقوله: "كذب، بل تلك نار موسى نبي الله صلى الله عليه وسلم"2.

فالشاعر هنا جانب الصدق، وزعم أن نار ممدوحه خير نار، وأنه خير موقد، وفي هذا مخالفة للحقيقة، والتزام الشاعر بالصدق في شعره مقياس نقدي سبق أن انتهجه زهير، وعلى أساسه فضله عمر على سائر الشعراء.

ومن نقدات عمر التي تدل على ذوقه وفهمه الدقيق لأساليب الشعر العربي، ما روي أن النجاشي3 الشاعر قد هجا تميم4 بن أبيّ بن مقبل وقومه بني العجلان، فاستعدوا عليه عمر بن الخطاب، فاستنشدهم ما قال فيهم، فقالوا: إنه يقول:

إذا الله عادى أهل لؤم ورقة ... فعادي بني العجلان رهط ابن مقبل

فقال عمر: إنه دعا، فإن كان مظلوما استجيب له، وغن كان ظالما لم يستجب له، قالوا: إنه يقول:

قُبيّلة لا يغْدِرون بذمة ... ولا يظلمون الناس حبة خردل

فقال عمر: ليت آل الخطاب كذلك! قالوا: وقد قال:

ولا يردون الماء إلا عشية ... إذا صدر الوُرّاد عن كل منهل

قال عمر: ذلك أقل للِّكاك5! قالوا: وقد قال أيضا:

تعافُ الكلابُ الضاريات لحومهم ... وتأكل من كعب وعوف ونهشل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015