الفصل الثالث

ت. س. إليوت والنقد الإتباعي

إن أهم ما أسنده ت. س. اليوت للنقد الحديث هو فيما عبر عنه جون كرو رانسوم " استنقاذ النقد القديم ". وقد كان تأثيره في هذه الناحية بعيداً. لكن أيعزى تأثيره هذا إلى النقد نفسه أو إلى مكانة اليوت في أنه من أبرز الشعراء الأحياء؛ ذلك الشيء لا يمكن الجزم به، ومع ذلك فلا ريب في أن اليوت هو اللسان المعبر عن اتجاه في النقد يمكن أن نسميه بشيء من التجوز " اتباعياً "؛ فهو ناقد على طريقة الشعراء النقاد في القرون الأولى لكنه ليس محللاً محترفاً للأدب بمقدار ما هو شاعر محترف، ذو رسالة عامة يؤديها. وكل كتب النقد التي أصدرها ليست إلا ترتيباً وإعادة ترتيب لنيف وسبعين مقالة ومراجعة ومقدمة ومحاضرة وجدها تستحق الصون من بين المئات العديدة التي كتبها. ويكاد كل نقد كتبه أن يكون قد ظهر أولاً في مجلة أو مقدمة لكتاب آخر أو ألقي على منبر من منابر المحاضرات.

ويعتقد اليوت أن النقد يخدم قارئ الشعر، وقد مر بنا حديثه عن خطأ الاعتقاد بأن النقد فعالية غاية في ذاتها. وهو يرى أن مهمة النقد هذه مزدوجة: أحد طرفيها " توضيح الفن وتصحيح الذوق " وطرفها الثاني " إعادة الشاعر إلى الحياة ". أما " أدوات الناقد التي يحقق بها هاتين الغايتين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015