النظرات (صفحة 705)

المجلد الثالث

البيان

...

البيان:

عرفت فيما مضى من الأيام أديبًا كان من أكبر أدباء هذا البلد المضطلعين باللغة وفنونها، الحافظين للكثير الممتع من منظومها ومنثورها، وكان لا يكتب كلمة في صحيفة ولا ينشر في الناس كتابًا إلا أعجم كتابته وأبهمها وتعمل فيها تعملا يأخذ على القارئ عقله وفهمه فلا يدري أي سبيل يأخذ بين مسالكها وشعابها، وكنت أحسبها غريزة من غرائزه الغالبة عليه الآخذة التخلص منها والنزوع عنها حتى اطلعت لهُ عند بعض أصدقائه على كتاب صغير كان قد أرسله إليه في بعض الشئون الخاصة به وكتبهُ بتلك اللغة السهلة البسيطة التي يسمونها اللغة العادية، فأُعجبت بأسلوبه في كتابه هذا إعجابًا كثيرًا ورأيت أنه أبلغ ما قرأت له في حياتى من كتب ورسائل، وعلمت أن الرجل فصيح بفطرته قادر على الإبانة عن أغراضه ومراميه كأفضل ما يَقتدر مقتدرٌ على ذلك إلا أنه يتكلف الركة والتعقيد في كتابته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015