فهل يقولُ (الهدَّام) في (مَعْمَر) ما قاله في (صالح)؟ !

وهل الذي قاله -أو نَسَبه- إلى الحافظ ابن رجب، هو من جهلهِ، أو سوءِ فهمه، حتى وقع في مثل هذا التناقض؟ ! أحلاهما مرٌّ!

والوجه الرّابع: ما رواه البخاريُّ في "الأدب المفرد" (رقم 385): حدّثنا عبد اللَّه بن صالح، قال: حدّثني الليث، قال: حدّثني يونُس، عن ابن شِهَاب. . . به، مثل حديث الأربعة.

وهذا إسنادٌ رجالُه ثقاتٌ رجال الشيخين، غير (عبد اللَّه بن صالح) -وهو كاتب الليث-، والخلافُ فيه معروفٌ، وقد أورده الحافظ في "مقدمة الفتح" (ص 414)، وذكر فيه طائفةً من أقوال الأئمة، ما بين موثّق ومضعِّف، ثم عقّب على ذلك بقوله:

"قلتُ: ظاهرُ كلامِ هؤلاء الأئمة؛ أنَّ حديثَه في الأوّل كان مستقيمًا، ثم طَرَأَ عليه فيه تخليطٌ، فمقتضى ذلك: أنّ ما يجيءُ من روايته عن أهل الحِذْق -كيحيى بن معين، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم-، فهو من صحيحِ حديثهِ، وما يجيءُ من رواية الشيوخ عنه، فَيُتَوَقَّفُ فيه".

قلتُ: وعلى هذا التفصيلِ يكونُ حديثُ عبد اللَّه بن صالح -هنا- عن الليث من صحيح حديثه، لرواية البخاري، وإن مما يؤكّد ذلك أنَّه قد تابعه أَبُو بكرٍ وهو ثقةٌ محتجٌّ به في "الصحيحين"-:

فقال أَبُو جعفر الطحاوي في "مشكل الآثار" (4/ 88): حدثنا يونُس، قال: أخبرنا يحيى بن عبد اللَّه بن بُكَير. وحدثنا محمد بن خُزَيمة، وفَهْدٌ، قالا: ثنا عبد اللَّه بن صالح -قال كلٌّ منهما-. حدّثني الليث. . . به.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7/ 490 - 491) من طريق أخرى عن ابنِ بُكَير .. به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015