وكذلك عروة بن الورد موحد في شعره وله في أخباره من أعمال الرحمة على الفقراء والمبوؤسين ما لا يعهد مثله إلا عند من ربوا على التعاليم النصرانية فدعي لذلك عروة الصعاليك وشعره أيضاً خال من كل شرك.

أما قيس بن زهير فكان أبوه حليف ملوك الحيرة صاهرة النعمان فتزوج ابنته لشرفه وسؤدده. وقد روى ابن الأثير في تاريخه (1: 2142) أنه بعد حرب داحس والغبراء "تاب إلى ربه فتنصر وساح في الأرض حتى انتهى إلى عمان فترهب".

وفي شعر النابغة عدة آثار منبئة بتوحيده وتدينه وتقاه. وقد مدح ملوك غسان والمناذرة النصارى وفي ملوك غسان يقول:

مجلَّتهم ذات الإله ودينهم ... قويمٌ فما يرجون غير العواقبِ

وهو مديح لايقوله شاعر ما لم يدن بدينهم. وقد ذكر صليب الزوراء في مدحه للنعمان ملك الحيرة النصراني:

ظلَّت تقاطيع أنعام مؤبَّلةٍ ... لدى صليبٍ على الزوراء منصوبِ

وقال يذكر المصلين من الرهبان الذين شيعوا جنازة الملك الغساني النعمان بن الحارث بن أبى شتمر:

فآبٌ مصلُّوهُ بعينٍ جليَّةٍ ... وغودر بالجولان حزمٌ ونائلُ

ومن آثار عفَّتهِ الشاهدة له على دينه النصراني وإيمانه بالآخرة قوله:

حيَّاكَ ربّي فأنَّا لا يحلُّ لنا ... لهوُ النساءِ وإنَّ الدينَ قد عزما

مشمّرين على خوصٍ مزمَّمةٍ ... نرجو الإله ونرجو البرَّ والطُّعما

وفي اعتقاده لعزة الله وجلاله يقول:

حلفتُ فلم أترك لنفسك ريبةً ... وليس وراءَ الله للمرءِ مذهبُ

وقد ذكر في شعره الأنبياء كداود وسليمان. كقوله في داليته التي مدح بها النعمان:

ألاَّ سليمان إذ قال الإلهُ لهُ ... قم في البريَّةِ فأزجرها عن الفندِ

فمن أطاعك فانفعهُ بطاعتهِ ... كما أطاعك وأدللهُ على الرشيدِ

وكان الحصين بن الحمام ذبيانياً أيضاً. وفي ترجمته أنه كان يؤمن بالله ويقر بالبعث وبعواقب الإنسان من نعيم وجحيم فقال من أبيات وهو نعم القول (أغاني 12: 128) .

فلم يبقَ من ذاك إلاَّ التُّقى ... ونفسٌ تعالج آجالها

أمورٌ من الله فوقَ السماءِ ... مقاديرُ تنزلُ إنزالها

أعوذُ برّبي من المخزيا ... ت يومَ ترى النفسُ أعمالها

وخفَّ الموازينُ بالكافرين ... وزلزلت الأرضُ زلزالها

ونادى منادٍ بأهل القبورِ ... فهبُّوا لتبرزَ أثقالها

وسعّرت النارُ فيها العذابُ=وكان السلاسلُ أغلالها ومن بني قيس عيلان من غير عبس وذبيان ذو الإصبع العدواني ينتمي إلى عدوان بن عمرو بن سعد بن عيلان. وقد أنسنا في شعره من الآداب والحكم ما حملنا على الترجيح بنصرانيته مع خلوه من كل أثر للشرك. فهو يذكر الله وقدرته على كل ما يشاء. وفي قومه عدوان قد أحصي سبعون ألف غلام أغرل كما روى صاحب الأغاني عن الأصمعي (3: 2) وقد رأينا في إهماله للختانة أثر لنصرانيتهم.

3 شعراء هوازن

هوزان يرتقي نسبها إلى حفصة بن قيس عيلان بن الياس بن مضر أدرجنا اثنين من شعرائها في جملة شعراء النصرانية وهما: 1 كعب بن سعد الغنوي (شعراء النصرانية ص746 751) .

2 دريد بن الصمة (شعراء النصرانية 752 783) .

في شعر كعب بن سعد من الحكم والعواطف اللينة والحنان ما دفعنا إلى ضمه إلى شعراء النصرانية. ثم إن أخاه أبا المغوار قتل في حرب ذي قار التي كان أكثر محاربيها من القبائل النصرانية.

أما دريد بن الصمة فإنه كان سيد قومه بني جشم وفارسهم أدرك الإسلام وحارب محمداً وأنصاره يوم حنين. وفي شعره من الإيمان بالله وذكر الأنبياء ما ينفي عنه الشرك ويدل على أنه أخذ ذلك عن النصارى. وكان أخوه يدعى عبد الله وفي اسمه شاهد على دينه. وقد مدح في شعره بني الديان نصارى نجران.

?4 مضريون آخرون

هم أربعة نظمناهم في سلك كتابنا يرتقي نسبهم إلى الياس بن مضر بن نزار: 1 زهير بن أبي سلمى (شعراء النصرانية ص510 595) .

2 عبيد بن الأبرص (شعراء النصرانية 596 615) .

3 ورقة بن نوفل (شعراء النصرانية 616 618) 4 زيد بن عمرو بن نفيل (شعراء النصرانية 619 622) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015