ذهبوا بخلود الذكر في الدنيا والآخرة: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ, ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} 1.

وهؤلاء الأصفياء - على تباعد الزمان فيما بينهم - بعضهم من بعض, فإن بينهم نسبا هو دين الإسلام الذي ارتضاه الله للبشر منذ أبيهم آدم, ولما بعث خاتم الأنبياء وسيد المرسلين كان اختياره من صفوة الصفوة؛ إن محمدا صلى الله عليه وسلم خير نسمة برأها الله بين سابق البشر ولاحقهم. إن أكمل الرسالات وخاتمتها تستلزم رسولا هو أكمل ما خلق الله من بشر وأطهر. وهذا أمر هيأ الله له الأسباب منذ آدم عليه السلام, قال عليه الصلاة والسلام: "بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى بعثت في القرن الذي أنا فيه" 2 وفي هذا الحديث الذي رواه البخاري دلالة كافية على انتخاب إلهي مستمر خلال أجيال البشرية حتى استخرج منهم محمدا صلى الله عليه وسلم وكان استخراجه من بيت أوله النبوة قال عليه الصلاة والسلام -في حديث رواه مسلم-: "إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل بني كنانة, واصطفى من بني كنانة قريشا, واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم"3 وكان علية الصلاة والسلام يقول: "أنا دعوة أبي إبراهيم" 4 فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ملء نفسه وجسده الطهر, إذ اختاره ربه من أطهر نطفة في الأصلاب. روي عن عائشة رضى الله عنها قوله صلى الله عليه وسلم: "ولدت من نكاح غير سفاح" 5 وثبت في الصحيح قوله: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر" 6 ولا عجب فهو مصطفى الأصفياء: طاهر مطهر, وسيد الأنبياء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015