وقال بعض الأعراب:

وكنتُ قدِ اندملتُ فهاج شوقي ... بكاء حمامتين تَجاوبانِ

تجاوبتا بلحنٍ أعجمي، ... على غُصنين من غَرَبٍ وبانِ

فقلتُ لصاحبيّ، وكنتُ أحرى ... بزجر الطير: ماذا تُخبرانِ

فقالا: الدار جامعةٌ بسُعدى، ... فقلت: بَلَ أنتما متيمِّنانِ

وكان البان أن بانت سُليمى، ... وفي الغَرَب اغترابٌ غير وانِ

وقال نُصيب:

ألا راعَ قلبي من سَلامة أنْ غدا ... غُرابٌ على غصنٍ من البان يَنعبُ

فأزجرُ ذاك البان بيناً مُواشكاً، ... وغثربة دارٍ ما تَدانى فيصقُبُ

وقد استحسنوا هدايا كثيرة، وتفاءلوا فيها بقول الشاعر، وإن كان بعضها مما ذكرناه أنهم لا يتهادَونه من طريق الظرف، واجتنبوه لعلة التسفيل، وأحبوه من حُسن التفوّل، فمن ذلك الرمان، وهو مما ذكرناه أنهم لا يتهادونه لما فيه من التسفيل وما يقع فيه من التمثيل، وكذلك الشاهَلوج، والنَّبَق، والورد، والبنفسج؛ فأما الرمان فقد قال فيه الشاعر:

أهدت إليه بظَرفها رمّاناً، ... تُنبيه أنّ وِصالها قد آنا

قال الفتى لمّا رآه تَفوُّلاً، ... وَصْلٌ يكون متمَّماً أحيانا

رمَّ يَرُمّ تشعَثي بوِصالها، ... لقد التفوّل صادقاً قد كانا

وأما الشاهَلُّوج، فهو مما فيه النوى، وقد تهاداه قومٌ لموضع تَفَوُّل الشاعر به إذ يقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015