فيا من ليس يُقنعها محبٌّ، ... ولا ألفا نحبٍّ كل عامِ

أظنّكِ من بقيّة قومِ موسى، ... فهم لا يصبرون علة طعامِ

أتيتُ فؤادها أشكو إليه، ... فلم أخلُص إليه من الزحامِ

ولا قول الذي أنشدني قوله أيضاً:

الخان يعجز عن قومٍ إذا كثُروا، ... لكنّ قلبك مثل الخان أضعافُ

في كلّ يومٍ له خمسون يعشقهم، ... في كل شهرٍ له ألفٌ وآلافُ

وحكى الهيثم بن عديّ أن رجلاً من العرب هوي جاريةً، فتمسك بودّها، وركَنَ إلى محبّتها، ثم اطّلع على أنها لا تردّ يد لامِس، فقطعها، وأنشأ يقول:

ألا حَيِّ أطلالاً لواسعة الحبْلِ ... ألوفٍ تُسوّي صالح القوم بالرَّذْلِ

فلو أن من أضحى بمنعرجِ اللِّوى ... إلى الرملة القُصوى بساقطة النَّعلِ

جلوساً إلى أن يَقصرَ الظّلَّ عندها ... لراحوا، وكل القوم منها على وَصلِ

ومن أكثر المحال، وأحمق المَقال، قناعة المرأة بصديقٍ، وصبرها على رفيق، أحسنُ من فيهن حالاً، وأقلهنّ أشغالاً، من لها صاحبٌ مشهورٌ، وخليل مستور، وربيطٌ تُراسله، وصديق تجامله، وإن كان ذلك لا لمالٍ، ولا لطمع وآمال، فقد كنا تقدّمنا في باب صفة القينات، وما طُبهن عليه من المكر والخيانات، أنهن يكتسبن بالهوى والعشق، ويُدارين بالتملّق والرفق، وليس بنات البيوت في الخُدور، وربّات الحِجال والقُصور، كذوات المَذْق من القينات، وكذوات التكسُّب من المتقيِّنات، فإن هؤلاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015