فقد نلتُ مما كان منّي من الهوى ... وآليتُ ألاّ أُخلِصَ الحبّ والودّا

فإن شئتُمُ جُذّوا الوِصال من الهوى، ... وإن شئتُمُ خونوا القَطيعة والعهدا

فإني بريٌّ لا ذكرتُ مودّةً، ... ولا عشتُ إلا سامريّاً كذا فَردا

وأنشدني أيضاً لنفسه:

من سلا عنكَ، فاسله، ... لك في الناس مثله

لا تقولنَّ: لِمْ، وكم، ... وعسى، أو لعله

فالعسى يعقِد الهوى، ... والتعزّي يحلّه

كلُّ حبٍّ إذا انقضى ... بعضه، هان كُلُّهُ

وأنشدني أبو عبد الله بن مُسرِف لنفسه:

ادنُ من كلّ صاحبٍ يدنُ شِبراً ... منك بالوصل، والوِداد ذراعا

وإذا ما نأى ذراعاً، فزِدْه ... أنت بالهجر والقطيعة باعا

ثم لا تطعننّ يوماً عليه ... بعيوبٍ، وإن شَناك سماعا

وهذا الباب على كثرته واتساع القول في صحّته يعزّ على الأديب فعله، ويمنعه من إتيانه شغله، لأنه لا يقدر أحد على التخلّص من الهوى بعد الوقوع في شَركه، وإشرافه على مَهول مَهْلكه، وإلا بعد همٍّ دَخيلٍ، وسُقم طويل، وفِكر قاتل، وشُغل شاغل، فتحرُّز ذوي النُّهى من الهوى بالنزوع، أولى من إعمال الحيلة في طلب التخلّص والرجوع.

واعلم أنه لا يصلح العشق إلا لأربعةٍ: لذي مُرُوةٍ ظاهرةٍ، أو ذي طاهرةٍ، أو ذي مال وساع، أو ذي أدب بارع؛ ويقبُحُ ممن سواهم لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015