امتناعهم من الإيمان حسدًا، وسبب نزول: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ ...}

قال ابن إسحاق: فلما جاءهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما عرفوا من الحق، وعرفوا صدقه فيما حدث، وموقع نبوته فيما جاءهم به من علم الغيوب -حين سألوه عما سألوه عنه- حال الحسد منهم له بينهم وبين اتباعه وتصديقه، فعتوا على الله، وتركوا أمره عيانًا، ولجوا فيما هم عليه من الكفر، فقال قائلهم: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} أي: اجعلوه لغوًا وباطلا، واتخذوه هزوًا لعلكم تغلبونه بذلك, فإنكم إن ناظرتموه أو خاصمتموه يومًا غلبكم ...

فلما قال ذلك بعضهم لبعض جعلوا إذا جهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن وهو يصلي يتفرقون عنه، ويأبون أن يستمعوا له، وكان الرجل منهم إذا أراد أن يستمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض ما يتلو من القرآن وهو يصلي استرق السمع دونهم فرقًا منهم؛ فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع منه ذهب خشية أذاهم، فلم يستمع، وإن خفض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوته فظن الذي يستمع أنهم لا يستمعون شيئًا من قراءته وسمع هو شيئًا دونهم أصاخ له يستمع منه. (?)

قال ابن إسحاق بسنده عن عبد الله بن عباس، -رضي الله عنهما-، قال: إنما أنزلت هذه الآية: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} من أجل أولئك النفر؛ يقول: لا تجهر بصلاتك فيتفرقوا عنك، ولا تخافت بها فلا يسمعها من يحب أن يسمعها ممّن يسترق ذلك دونهم لعله يرعوي إلى بعض ما يسمع فينتفع به. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015