الكتاب السابع: الإيمان بالقضاء والقدر

الباب الأول: تعريف القضاء والقدر وحكمه ومراتبه

الفصل الأول: تعريف القضاء والقدر

المبحث الأول: القضاء والقدر لغة

المطلب الأول: القضاء لغة

هو بالمد، ويقصر، أصله، قضاي، فلما جاءت الياء بعد ألف زائدة متطرفة همزت وجمعه أقضية (?).

قال ابن فارس: (القاف والضاد والحرف المعتل أصل صحيح يدل على إحكام أمر وإتقانه وإنفاذه لجهته) (?). وقال في (النهاية): (القضاء في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه) (?).

ويتبين مما تقدم أن معنى القضاء في اللغة هو إحكام الشيء وإتمام الأمر، وهذا هو أصل معنى القضاء، وإليه ترجع جميع معاني القضاء الواردة في اللغة، وقد يأتي بمعنى القدر (?).

وقد ورد لفظ القضاء ومشتقاته كثيراً في القرآن الكريم، وكل معانيه، التي قد تأتي متداخلة أحياناً، ترجع إلى الأصل السابق، فمن المعاني التي ورد بها:

1 - معنى الأمر، ومنه قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [الإسراء: 23]، أي: أمر سبحانه وتعالى بعبادته وحده لا شريك له (?).

2 - معنى الأداء والإنهاء، وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ [الحجر: 66]، أي: تقدمنا إليه وأنهينا (?).

3 - معنى الحكم، ومنه قوله تعالى: فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ [طه: 72] اصنع, واحكم, وافعل ما شئت وما وصلت إليه يدك (?).

4 - ومعنى الفراغ، ومنه قوله تعالى: فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ [فصلت: 12] أي: فرغ من تسويتهن سبع سموات في يومين, ومنه قوله تعالى: فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ [القصص: 29] أي: فرغ من الأجل الأوفى والأتم (?).

5 - ومعنى الأداء، ومنه قوله تعالى: فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ [البقرة: 200] أديتموها وفرغتم منها (?) وهذا داخل في المعنى السابق.

6 - ومعنى الإعلام، ومنه قوله تعالى: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا [الإسراء: 4] أي: تقدمنا وأخبرنا بني إسرائيل في الكتاب الذي أنزل إليهم أنهم سيفسدون في الأرض مرتين (?).

7 - وبمعنى الموت، يقال: ضربه فقضى عليه، أي: قتله (?) قال تعالى: فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ [القصص: 15] , أي قتله.

هذه هي أهم معاني (القضاء) في اللغة، وهناك اشتقاقات أخرى ذكرتها كتب اللغة (?) ومن خلال عرض هذه المعاني يتبين ما بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي من رابط قوي، فتقدير الله للأمور، وكتابته لذلك، وكونها تجري بحكمة ودقة على حسب ما أرادها سبحانه وقضاها، كل هذه المعاني يوحي بها المعنى اللغوي. القضاء والقدر لعبدالرحمن بن صالح المحمود - ص: 25

طور بواسطة نورين ميديا © 2015