التمهيد في بيان أهمية القياس

لقد قلنا في الباب الثالث: إن القياس هو رابع الأدلة المتفق عليها

إجماعاً بعد الكتاب والسُّنَّة والإجماع، ولقد أخرته إلى هنا؛ لأنه

يأتي بالمرتبة الرابعة بعد الكتاب والسُّنَّة والإجماع، وما تفيده

النصوص والألفاظ من الأحكام، كما قال الشاعر:

إذا أعيا الفقيه وجود نص ... تعلَّق لا محالة بالقياس

فالمجتهد لا يلجأ إليه إلا بعد فقد النص من الكتاب والسُّنَّة أو

الإجماع.

ومعرفة القياس من أهم شروط المجتهد؛ إذ لا يمكن أن يبلغ أحد

الاجتهاد أو يستنبط حكما شرعيا لحادثة متجددة إلا بواسطة القياس.

قال الإمام الشافعي - رحمه اللَّه -: " من لم يعرف القياس فليس

بفقيه "، وقال الإمام أحمد - رحمه الله -: " لا يستغنى أحد عن

القياس "، وأهمية القياس تتبين في أمور:

الأول: أنه يُعوَّل على القياس في معرفة أسرار الأحكام،

والوقوف على الحكَم والمقاصد والعلل التي شرعت من أجلها

الأحكام من جلب مَصالح أو درء مفاسد.

الثاني: أن القياس هو المنهل العذب الذي نأخذ عن طريقه أحكام

الوقائع والحوادث والقضايا المتجددة، وذلك لأنه من المعروف أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015