والتحسب لله وحده، قال تعالى: وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ ولم يقل: ورسوله، وذكر الرسول في الإيتاء؛ لأنه لا يباح إلا ما أباحه الرسول، فليس لأحد أن يأخذ كل ما تيسر له إن لم يكن مباحا في الشريعة، ثم قال: إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ فجعل الرغبة إلى الله وحده دون ما سواه، كما قال: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ فأمر بالرغبة إليه.

ولم يأمر الله قط مخلوقا أن يسأل مخلوقا وإن كان قد أباح ذلك في بعض المواضع، لكنه لم يأمر به، بل الأفضل للعبد أن لا يسأل -قط- إلا الله، كما في الصحيحين في صفة الذين يدخلون الجنة بغير حساب "هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون" فجعل من صفاتهم أنهم لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم، ولم يقل: لا يرقون، وإن كان قد روي في بعض طرق مسلم فهو غلط؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم رقى نفسه وغيره، لكنه لم يسترق، فالمسترقي طالب للدعاء من غيره، بخلاف الراقي غيره فإنه داع.

وقال لابن عباس: إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله فهو الذي يتوكل عليه، ويستعان به، ويخاف ويرجى، ويعبد، وتنيب إليه القلوب، لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا منجى منه إلا إليه.

والقرآن كله يحقق هذا الأصل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015