[النهي عن الصلاة والإنسان يريد حاجته]

النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ وَالْإِنْسَانُ يُرِيدُ حَاجَتَهُ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْأَرْقَمِ كَانَ يَؤُمُّ أَصْحَابَهُ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ يَوْمًا فَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ فَلْيَبْدَأْ بِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ» )

ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدِي أَنْ يُسَمَّى قُنُوتًا عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: يُسَمَّى قُنُوتًا بِمَعْنَى الطَّاعَةِ لِلَّهِ تَعَالَى بِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُسَمَّى قُنُوتًا بِمَعْنَى الدُّعَاءِ وَيُسَمَّى قُنُوتًا بِاسْمِ الْقِيَامِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ وَيُسَمَّى قُنُوتًا بِالسُّكُوتِ لِأَنَّ الْقَانِتَ يَسْكُتُ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي مَحَلِّهَا وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْقُنُوتِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ الْقُنُوتَ مَشْرُوعٌ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَأَنَّهُ مِنْ فَضَائِلِ الصُّبْحِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ لَا يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى اللَّيْثِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ مَا رُوِيَ عَنْ عَاصِمٍ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ الْقُنُوتِ فَقَالَ إنَّهُ كَانَ الْقُنُوتُ قُلْت قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ قَبْلَهُ قَالَ فَإِنَّ فُلَانًا أَخْبَرَنِي عَنْك أَنَّك قُلْت بَعْدَ الرُّكُوعِ فَقَالَ كَذَبَ إنَّمَا «قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا أَرَاهُ كَانَ بَعَثَ قَوْمًا يُقَالُ لَهُمْ الْقُرَّاءُ زُهَاءَ سَبْعِينَ رَجُلًا إلَى قَوْمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَأُصِيبُوا دُونَ أُولَئِكَ وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَهْدٌ فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ» .

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْقُنُوتُ عِنْدَ مَالِكٍ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَفْضَلُ وَاخْتَارَ ابْنُ حَبِيبٍ الْقُنُوتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ خَبَرُ أَنَسٍ الْمَذْكُورُ وَهُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْلَى لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِإِدْرَاكِ صَلَاةِ بَعْضِ مَنْ يَأْتِي مِمَّنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ وَإِذَا جُعِلَ بَعْدَ الرُّكُوعِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَيْسَ فِي الْقُنُوتِ دُعَاءٌ مُوَقَّتٌ وَلْيَدْعُ فِي الْقُنُوتِ بِمَا شَاءَ مِنْ حَوَائِجِهِ رَوَاهُ عَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَيَخْتَصُّ عِنْدَ مَالِكٍ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ زَادَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ وَفِي الْوِتْرِ مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ الْمَنْعَ مِنْهُ فِي رَمَضَانَ.

[النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ وَالْإِنْسَانُ يُرِيدُ حَاجَتَهُ]

(ش) : قَوْلُهُ فَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ اسْتِعْمَالُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ يُرَادُ بِهَا مَا يَحْتَاجُ الْإِنْسَانُ إلَيْهِ مِنْ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْحَاجَةِ وَاقِعًا عَلَى كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إلَّا أَنَّ عُرْفَ اللُّغَةِ جَرَى بِاسْتِعْمَالِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِيمَا ذَكَرْنَا يُقَالُ ذَهَبَ فُلَانٌ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ أَيْ أَتَى الْغَائِطَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ فَلْيَبْدَأْ بِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ لِيَتَفَرَّغَ لَهَا وَيَخْلُو سِرُّهُ لِلْإِقْبَالِ عَلَيْهَا فَإِنْ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ يَجِدُ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى إتْيَانِ الْغَائِطِ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ الَّذِي لَا يَشْغَلُهُ عَنْ الصَّلَاةِ وَيُعْجِلُهُ عَنْهَا وَيَجِدُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَشْغَلُهُ وَيُعْجِلُهُ فَإِنْ وَجَدَ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَشْغَلُهُ وَيُعْجِلُهُ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ يَنْصَرِفُ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَقْدِيمِ الْغَائِطِ قَبْلَ الصَّلَاةِ لِمَعْنَى التَّفَرُّغِ لَهَا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَّا بِقَطْعِ مَا شَرَعَ فِيهِ مِنْهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ لَمْ يَنْصَرِفْ وَتَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَبِهِ مِنْ الْحَقْنِ مَا يُعْجِلُهُ وَيَشْغَلُهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ قَالَ مَالِكٌ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إنْ فَعَلَ فَبِئْسَ مَا صَنَعَ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ أَمَرَ بِتَقْدِيمِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَفِيهِ نَهْيٌ عَنْ تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَعْنَى عَنْهُ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ اسْتِدَامَتَهُ لِمُدَافِعَةِ الْحَدَثِ عَمَلٌ كَثِيرٌ فِي الصَّلَاةِ شَاغِلٌ عَنْهَا يَمْنَعُ اسْتِدَامَتَهَا فَوَجَبَ أَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015