(ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَصَابَ الْأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى، فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا)

ـــــــــــــــــــــــــــــQجَلْبِ الْأَقْوَاتِ إلَيْهَا مَا أَغْلَى الْأَقْوَاتِ بِهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ اُقْعُدِي لُكَعُ عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهَا وَالتَّبَسُّطِ بِالسَّبِّ عَلَى وَجْهِ النُّصْحِ لَهَا وَالْإِشْفَاقِ عَلَيْهَا لِخَطَئِهَا فِيمَا تُرِيدُ مِنْ الِانْتِقَالِ عَنْ الْمَدِينَةِ مَا فِي مُلَازَمَتِهَا وَالصَّبْرِ عَلَى شِدَّتِهَا مِنْ الْأَجْرِ الْجَزِيلِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ» اللَّأْوَاءُ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ هُوَ الْجُوعُ وَتَعَذُّرُ التَّكَسُّبِ وَالشِّدَّةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا اللَّأْوَاءَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا كُلَّ مَا يَشْتَدُّ بِهِ سُكْنَاهَا، وَتَعْظُمُ مَضَرَّتُهُ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إلَّا كُنْت لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ شَكًّا مِنْ ابْنِ عُمَرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ شَكًّا مِنْ الرَّاوِي عَنْهُ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ: هُوَ شَكٌّ مِنْ الْمُحَدِّثِ وَقَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْأَعْشَى وَالشَّفَاعَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَهِيَ شَفَاعَةٌ فِي زِيَادَةِ الدَّرَجَاتِ لِمَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَشَفَاعَةٌ فِي الْخُرُوجِ مِنْ النَّارِ خَاصَّةً، وَقَدْ تَظَاهَرَتْ الْأَخْبَارُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَفَاعَتِهِ لِمُذْنِبِي أُمَّتِهِ وَخُرُوجِهِمْ مِنْ النَّارِ بِشَفَاعَتِهِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي هَذِهِ الشَّفَاعَةِ أَهْلُ السُّنَّةِ فَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْحَدِيثِ كُنْت لَهُ شَفِيعًا، فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الشَّفَاعَةَ لِمُذْنِبِهِمْ فِي الْخُرُوجِ مِنْ النَّارِ، وَالشَّفَاعَةَ لِمُحْسِنِهِمْ فِي زِيَادَةِ الدَّرَجَاتِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ إلَّا كُنْت لَهُ شَفِيعًا مِنْ النَّارِ إنْ اُمْتُحِنَ بِهَا، أَوْ شَفِيعًا فِي زِيَادَةِ دَرَجَاتِهِ فِي الْجَنَّةِ إنْ سَلِمَ مِنْهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ إلَّا كُنْت لَهُ شَفِيعًا فِي الْخُرُوجِ مِنْ النَّارِ إنْ احْتَاجَ ذَلِكَ فَتَخْتَصُّ شَفَاعَتُهُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بِالْمُذْنِبِينَ، وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ، وَقَوْلُهُ أَوْ شَهِيدًا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ شَهِيدٌ لَهُ بِالْمَقَامِ الَّذِي فِيهِ الْأَجْرُ، وَيَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّ لِشَهَادَتِهِ فَضْلًا فِي الْأَجْرِ وَإِحْبَاطًا لِلْوِزْرِ، فَإِنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ سُكْنَاهُ فِي الْمَدِينَةِ يَثْبُتُ وَيُوجَدُ ثَابِتًا فِي جُمْلَةِ حَسَنَاتِهِ إلَّا أَنَّ لِشَهَادَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زِيَادَةَ أَجْرٍ وَمَزِيَّةً، وَلِذَلِكَ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَتْلَى أُحُدٍ هَؤُلَاءِ أَنَا شَهِيدٌ عَلَيْهِمْ» ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّ فَضِيلَةَ اسْتِيطَانِ الْمَدِينَةِ وَالْبَقَاءِ بِهَا بَاقِيَةٌ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَصَابَ الْأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى، فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا) .

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْإِسْلَامِ، ثُمَّ طَلَبَ أَنْ يُقِيلَهُ بَيْعَتَهُ لَمَّا وُعِكَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ حِينَئِذٍ الْهِجْرَةُ إلَى الْمَدِينَةِ عَلَى الْمُقَامِ بِهَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَنَّ ذَلِكَ تَضَمَّنَتْهُ بَيْعَتُهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِذَلِكَ كَانَ سَأَلَهُ أَنْ يُقِيلَهُ بَيْعَتَهُ يُؤَيِّدُ هَذَا التَّأَوُّلَ أَنَّهُ نَقَضَ ذَلِكَ بِالْخُرُوجِ، وَهُوَ الَّذِي نُقِلَ إلَيْنَا مِنْ حَالِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ فَرْضِ الْهِجْرَةِ، وَإِنَّمَا بَايَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ جَاءَ يَسْأَلُهُ أَنْ يُقِيلَهُ فِي ذَلِكَ لَمَّا اسْتَجَازَ الْكُفْرَ وَلَمْ يَسْتَجِزْ نَقْضَ الْعَهْدِ، وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ تَسُوغُ إقَالَتُهُ فِيهِ لَمْ يُقِلْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ إقَالَتَهُ تَتَضَمَّنُ إبَاحَةَ الْكُفْرِ، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَعْصِمُ نَبِيَّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ سَبَّبَ لَهُ ذَلِكَ أَنَّهُ اسْتَوْخَمَ الْمَدِينَةَ لَمَّا وُعِكَ بِهَا كَمَا فَعَلَ الْعُرَنِيُّونَ الَّذِينَ اجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَأَذِنَ لَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَكُونُوا مَعَ نِعَمِهِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَقَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ مُرْتَدِّينَ عَنْ الْإِسْلَامِ فَبَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَى بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا خَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ إنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015