وأما كون الأرض الداثرة التي كان فيها آثار المُلك، ولا يعلم لها مالك على روايتين؛ فلأن النظر إلى كونها داثرة يقتضي أن تكون مَواتاً. والنظر إلى كونها فيها آثار المُلك يقتضي أن لا تكون مَواتاً.

فإن قيل: ما فائدة الخلاف في ذلك؟

قيل: جواز الإحياء وعدمه. ويعضد الجواز عموم قوله: «من أحيا أرضاً ميتةً فهيَ له» (?). ويعضد العدم أنها أرض لها مالك، فلم يجز إحياؤها، كما لو كان معلوماً. وعموم الحديث مخصوص بذلك.

قال: (ومن أحيا أرضاً ميتة فهي له، مسلماً كان أو كافراً، بإذن الإمام أو غير إذنه، في دار الإسلام وغيرها. إلا ما أحياه مسلم من أرض الكفار التي صولحوا عليها. وما قَرُب من العامر وتعلق بمصالحه لم تملك بالإحياء. وإن لم يتعلق بمصالحه فعلى روايتين).

أما كون من أحيا أرضاً ميتة هي للمحيي؛ فلما تقدم من الأحاديث.

وأما كونها له بذلك مسلماً كان أو كافراً، بإذن الإمام أو غير إذنه، في دار الإسلام وغيرها غير ما استثني؛ فلأن العموم المتقدم يشمل ذلك كله.

ولأن الموجب للملك الإحياء، وهو موجود في كل الصور.

ولأن التمليك لا يختلف فيه المسلم والذمي. دليله: البيع وسائر العقود.

وقال ابن حامد: لا يملك الذمي بالإحياء في دار الإسلام؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مُوتان الأرض لله ورسوله، ثم هي لكم» (?).

وجوابه: أن هذا لا يعرف صحته. وإنما روى أبو عبيد: «عادِي الأرض لله ورسوله ثم هي لكم» (?) وهو مرسل رواه طاووس عن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم لا يمتنع أن أن يريد بقوله: «هي لكم» أي لأهل دار الإسلام، والذمي من أهل الدار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015