وأما كونه لا يضمن إناء الخمر على المذهب؛ فلما روى أنس قال: «كنتُ أَسقِي أبا طلحة، وأبي بن كعب (?)، وأبا عبيدة شَراباً من فَضِيخٍ. فأتانا آتٍ. فقال: إن الخمرةَ قد حرمتْ. فقالَ أبو طلحة: قمْ يا أنس! إلى هذه الجِرارِ فاكسِرْهَا» (?). وهذا يدل على سقوط حرمته، وإباحة إتلافه. فلم يضمن؛ كسائر المباحات.

وأما كونه يُضمن إن كان يُنتفع به في غيره على روايةٍ؛ فلأنه يمكنه الانتفاع به في غير الخمر. فلم يجز إتلافه؛ كسائر الآنية.

والأول أصح؛ لما تقدم. ولما روى الإمام أحمد بإسناده عن ابن عمر قال: «أمرَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن آتيهِ بمُدْيَةٍ -وهيَ الشفرةُ- فأتيتهُ بها. فأرسلَ بها. فَأُرْهِفَتْ ثم أعطانيها. وقال: اغدُ (?) عليّ بها (?) ففعلتُ. فخرجَ بأصحابهِ إلى أسواقِ المدينةِ وفيها زِقَاقُ الخمرِ، فأخذَ المُدْيَةَ مني، فَشَقَّ ما كانَ من تلكَ الزِّقَاقِ بحضرتهِ كلها، وأمرَ أصحابَهُ الذينَ كانوا معهُ أن يمضوا معي وأن يعاوِنوني. وأمرني أن آتيَ الأسواقَ كلَّها. فلا أجدُ فيها زِقَّ خمرٍ إلا شَقَقْتُهُ. ففعلتُ. فلمْ أتركْ في أسواقِها زِقاً إلا شَقَقْتُه» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015