والمانع مما ذُكِر مطلق العمى، والعرجُ الفاحش الذي يمنع المشي والركوب كالزمانة ونحوها. فأما اليسير الذي يتمكن معه من الركوب والمشي فلا يمنع وجوب الجهاد؛ لأنه متمكن منه أشبه الأعور. وكذلك المرض المانع هو الشديد فأما وجع الضرس والصداع الخفيف فلا يمنع لما ذكر في الأعرج.

وأما غير القادر فالمانع عدم قدرته على نفقته وآلة الجهاد وما يشتريها به؛ لأن النفقة ضرورة مقدمة على الحج ودين الغير فكذلك على الجهاد. وآلة القتال لا يمكن الجهاد إلا بها.

وأما القدرة على المركوب فإن كانت المسافة بعيدة اشترطت؛ لقوله تعالى: {ولا على الذين إذا ما أتوكَ لِتَحْملهم قلتَ لا أجدُ ما أحملُكم عليه} [التوبة: 92] ولذلك شرط المصنف رحمه الله في وجدان ما يحمله البعيد. وإن كانت المسافة قريبة لم يشترط القدرة عليه؛ لأنه سفر قريب لا مشقة في تحمله. ويشترط أن يكون جميع ما ذكر فاضلاً عن نفقة عياله وقضاء دينه وأجرة مسكنه؛ لما تقدم في الحج.

قال: (وأقلُّ ما يُفعل مرةً في كل عام إن لم تدْعُ حاجة إلى تأخيره).

أما كون الجهاد أقل ما يفعل مرة في كل عام إن لم تدع حاجة إلى تأخيره؛ فلأن الجزية تجب على أهل الذمة في كل عام وهي بدل فكذلك مبدلُها الذي هو الجهاد.

وأما كونه لا يُفعل إذا دعت الحاجة إلى تأخيره مثل أن يكون بالمسلمين ضعف في عدد أو عدة، أو يكون الإمام منتظر المدد يستعين به، أو يكون الطريق إليهم فيها مانع، أو ليس بها علف أو ماء، أو يعلم من عدوه حسن الرأي في الإسلام ويطمع في إسلامهم إن أخر قتالهم، ونحو ذلك مما يرى معه المصلحة في ترك القتال؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم صالح قريشاً عشر سنين وأخّر قتالهم حتى نقضوا العهد» (?).

قال: (ومن حضر الصف من أهل فرض الجهاد، أو حَصَر العدو بلدَه تعيّن عليه).

أما كون الجهاد متعينٌ على من حضر الصف فلقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتمُ الذين كفروا زحْفاً فلا تُولوهم الأدبار? ومن يولهّم يومئذٍ دبُره إلا متحرّفاً لقتالٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015