وقد اتسم الذهبي -رحمه الله- بالجرأة النادرة التي جعلته ينتقد كبار العلماء والمؤرخين، وينبه على أوهامهم التي وقعت لهم فيما أثر عنهم بأسلوب علمي متزن ينبئ عن غزارة علم، ونبالة قصد، وقدرة فائقة في النقد، والأمثلة على ذلك كثيرا تجدها مبثوثة في تضاعيف هذا الكتاب.

ولما كان الذهبي قد استوعب في تاريخ الإسلام فئتين من المترجمين: المشهورين، والأعلام، فقد اقتصر في كتابه هذا على تراجم الأعلام النبلاء، إلا أنه قد يذكر في نهاية بعض التراجم غير واحد من المشهورين للتعريف بهم باختصار.

وقد يضطره اتفاق اسم أحد المشهورين باسم أحد الأعلام الذي يترجمه إلى ترجمة المشهور عقبة للتميز.

وكتاب سير أعلام النبلاء وإن كان قد استل من تاريخ الإسلام فقد ألفه بعده، وأضاف إليه أخبارا كثيرة لا وجود لها في التاريخ وتناول أشياء بالنقد والتحقيق لم يتعرض لها في تاريخه، وصياغة الترجمة فيه تختلف في كثير من الأحيان عما عرضه في تاريخ الإسلام.

وإن هذا الكتاب القيم بما تضمنه من مزايا يندر أن توجد في غيره قد استحق به مؤلفه مع كتابه الآخر تاريخ الإسلام أن يسمى: إمام المؤرخين1.

وقد أصدر أحمد فايز الحمصي كتابا هذب فيه سير أعلام النبلاء، وسماه: تهذيب سير أعلام النبلاء ويقع في ثلاثة مجلدات، وهو تهذيب جيد ألحق به فهرسا أبجديا للأعلام المترجم لهم والبالغ عددهم قرابة ستة آلاف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015