المقصد الاسني (صفحة 80)

عَن السن ثمَّ إنباته السن بعد ذَلِك عِنْد الْحَاجة إِلَى طحن الطَّعَام ثمَّ تَقْسِيم الْأَسْنَان إِلَى عريضة للطحن وَإِلَى أَنْيَاب للكسر وَإِلَى ثنايا حادة الْأَطْرَاف للْقطع ثمَّ اسْتِعْمَال اللِّسَان الَّذِي الْغَرَض الْأَظْهر مِنْهُ النُّطْق فِي رد الطَّعَام إِلَى المطحن كالمجرفة وَلَو ذكر لطفه فِي تيسير لقْمَة يَتَنَاوَلهَا العَبْد من غير كلفة يتجشمها وَقد تعاون على إصلاحها خلق لَا يُحْصى عَددهمْ من مصلح الأَرْض وزارعها وساقيها وحاصدها ومنقيها وطاحنها وعاجنها وخابزها إِلَى غير ذَلِك لَكَانَ لَا يَسْتَوْفِي شَرحه

وعَلى الْجُمْلَة فَهُوَ من حَيْثُ دبر الْأُمُور حكم وَمن حَيْثُ أوجدها جواد وَمن حَيْثُ رتبها مُصَور وَمن حَيْثُ وضع كل شَيْء مَوْضِعه عدل وَمن حَيْثُ لم يتْرك فِيهَا دقائق وُجُوه الرِّفْق لطيف وَلنْ يعرف حَقِيقَة هَذِه الْأَسْمَاء من لم يعرف حَقِيقَة هَذِه الْأَفْعَال

وَمن لطفه بعباده أَنه أَعْطَاهُم فَوق الْكِفَايَة وكلفهم دون الطَّاقَة وَمن لطفه أَنه يسر لَهُم الْوُصُول إِلَى سَعَادَة الْأَبَد بسعي خَفِيف فِي مُدَّة قَصِيرَة وَهِي الْعُمر فَإِنَّهُ لَا نِسْبَة لَهَا بِالْإِضَافَة إِلَى الْأَبَد وَمن لطفه إِخْرَاج اللَّبن الصافي من بَين الفرث وَالدَّم وَإِخْرَاج الْجَوَاهِر النفيسة من الْأَحْجَار الصلبة وَإِخْرَاج الْعَسَل من النَّحْل والإبريسم من الدُّود والدر من الصدف وأعجب من ذَلِك خلقه من النُّطْفَة القذرة مستودعا لمعرفته وحاملا لأمانته ومشاهدا لملكوت سمواته وَهَذَا أَيْضا لَا يُمكن إحصاؤه تَنْبِيه

حَظّ العَبْد من هَذَا الْوَصْف الرِّفْق بعباد الله عز وَجل والتلطف بهم فِي الدعْوَة إِلَى الله تَعَالَى وَالْهِدَايَة إِلَى سَعَادَة الْآخِرَة من غير إزراء وعنف وَمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015