ولا غيرهم هجرة بعد الفتح، فينال بذلك درجة من هاجر قبل الفتح، ويستحق أن يسمى باسمهم ويلحق بجملتهم؛ لأن فرض الهجرة منسقط، بل الهجرة باقية لازمة إلى يوم القيامة، واجب بإجماع المسلمين على من أسلم بدار الكفر: أن لا يقيم بها حيث تجرى عليه أحكام المشركين، وأن يهاجر ويلحق بدار المسلمين حيث تجرى عليه أحكامهم، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أنا بريء من كل مسلم مقيم مع المشركين»، إلا أن هذه الهجرة لا يحرم على المهاجر بها الرجوع إلى وطنه، إن عاد دار إيمان وإسلام، كما حرم على المهاجرين من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرجوع إلى مكة للذي ذخره الله لهم من الفضل في ذلك.

فصل

فإذا وجب بالكتاب والسنة وإجماع الأمة على من أسلم ببلد الحرب أن يهاجر ويلحق بدار المسلمين ولا يثوي بين المشركين ويقيم بين أظهرهم، لئلا تجرى عليه أحكامهم، فكيف يباح لأحد الدخول إلى بلادهم؛ حيث تجرى عليه أحكامهم في تجارة أو غيرها، وقد كره مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أن يسكن أحد ببلد يسب فيه السلف، فكيف ببلد يكفر فيه بالرحمن وتعبد فيه من دونه الأوثان، لا تستقر نفس أحد على هذا إلا وهو مسلم سوء مريض الإيمان.

فصل

ولا يجوز لأحد من المسلمين دخول أرض الشرك لتجارة ولا لغيرها إلا لمفاداة مسلم، فإن دخلها لغير ذلك طائعا غير مكره كان ذلك جرحة فيه تسقط إمامته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015