الأصناف، وهو قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في رواية أشهب عنه، وقول ابن الماجشون وابن عبد الحكم وروايته عن مالك. وأما إذا أنفذ مقاتلها ما أصابها من ذلك فلا تذكى ولا تؤكل باتفاق في المذهب؛ لأنها بسبيل الميتة، وإن تحركت بعد ذلك فإنما هي بسبيل الذبيحة التي تتحرك بعد الذبح. وقد روى أبو زيد عن ابن القاسم في كتاب الديات في الذي ينفذ مقاتل رجل ثم يجهز عليه آخر أنه يقتل به ويعاقب الأول. فعلى هذه الرواية يلزم أن يجيز ذكاة هذه الأصناف بعد إنفاذ المقاتل من جعل الاستثناء متصلا، إلا أنها رواية ضعيفة. والصواب رواية يحيى وسحنون أن الأول هو الذي يقتل به ويعاقب الثاني. وقد روي عن علي بن أبي طالب أن الذكاة تصح فيها ما بقيت فيها حياة بتحريك يد أو رجل ظاهرة وإن كانت منفوذة المقاتل، وهو قول ابن عباس. روي عنه أنه سئل عن ذئب عدا على شاة فشق بطنها حتى انتثر قصبها فأدركت ذكاتها فقال: كل، وما انتثر من قصبها فلا تأكل.

فصل

والمقاتل المتفق عليها خمسة: انقطاع النخاع وهو المخ الذي في عظام الرقبة والصلب، وقطع الأوداج، وخرق المصير، وانتثار الحشوة، وانتثار الدماغ وهو المخ. ومعنى قولهم في خرق المصير: إنه مقتل إنما ذلك إذا خرق أعلاه في مجرى الطعام والشراب قبل أن يتغير ويصير إلى حال الرجيع. وأما إذا خرق أسفله حيث يكون الرجيع فليس بمقتل. وإنما قلنا ذلك؛ لأنا وجدنا كثيرا من الحيوان ومن بني آدم يجرح فيخرق مصيره في مجرى الرجيع فيخرج الرجيع على ذلك الجرح ويعيش مع ذلك زمانا وهو متصرف يقبل ويدبر. ولو خرق في مجرى الطعام والشراب لما عاش إلا ساعة من نهار. ألا ترى أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لما طعن فسقي اللبن فخرج من الجرح علم أنه قد أنفذت مقاتله فقال له من حضره أوص يا أمير المؤمنين. وقد كان الشيوخ يختلفون عندنا في البهيمة تذبح وهي صحيحة في ظاهرها فيوجد كرشها مثقوبا. ولقد أخبرني بعض من أثق به أنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015