المقابسات (صفحة 189)

الأخروية رتبتان: وهما الاغتباط بنيلها، والاغتباط بالأمن من زوالها. كما امتنع عليه إبراز فعله المختص به فقد صار وجوده على ما هو عليه مضاهياً لعدمه. وتلك هي خساسة ذاته.

صلح الواحد ينزل منزلة الملك، وصلاح الجميع ينزل منزلة الملك، وحيث وجد الملك وجد الملك، ولا ينعكس؛ فإذاً الإنسان لن يشرف بأن يصير مالكاً بل يشرف إذا صار ملكاً. وفعل المالك حفظه القنية على صورتها، وحفظ الملك حفظ مراتب القنيات على درجاتها متى علم أن الشيء مما يجب أن يعلم وأنه ليس بعلم، فقد صار المعقول عنه محروصاً عليه، وذلك هو مفتتح السعي، وهو في الحقيقة أكثر من نصف جملته، كما أنه ليس يسكن العقل الصريح إلى معرفة المبدأ القريب من الشيء دون أن يعرف المبدأ الأول على الإطلاق، وما بين المبدئين من الوسائط، إن كان الأول المحض والآخر المحض بالذات شيئاً أحداً، وإن اختلف الوصفان عليه بالإضافة فبالأحرى أن يكون المبدأ والغرض المحض غير مختلفين بالذات، وإن اختلفا بالإضافة. التعرف للذات بحسب المنتهى أربعة، وهي: أن تعرف لماذا هو، وكيف السبيل إليه، وما الذي يحتاج إليه في التوجه نحوه وما الذي يعوقه عن بلوغه. مراتب التعرف للذات بحسب المبتدأ أربعة، وهي: أن تعرف ما هو، ومن جاء به، ومن داجى به، وكيف كان مجيئه. ومن أجل أن المستخدم قد يضطر الحال إلى استصلاحها واستحفاظها فيصير فعله فيهما عند ذلك شبيهاً بفعل الخادم لها في الظاهر، فليس بعجيب أن يعرض منه الغلط، أو يبدو من جهته الانخلاع. من سوس العقل الصريح التفرقة بين الحسن والقبيح، ومن سوسه أيضاً السكون إلى الحسن والالتفات عن القبيح، لأن الشيء متى كان مفرطاً في الحسن فإنه يبهر العقل الجريء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015