عن أصل كل مترادف وعن اللسان الذي نطق به في الغالب، فعمي الأمر علينا، وصرنا نعتبر هذه الألفاظ التي تقصد مسمى واحد من المترادفات.

ويرى بعض علماء اللغة أن من أسباب وقوع الترادف أن الصفات قد تتحول بتفشي الاستعمال وبكثرة ورودها على الألسنة فتنزل هذه الصفات منزلة الحقائق العُرفية1. وقد تضخمت كتب اللغة كثيرًا بكلمات استعملها الشعراء وصفًا لأشياء، فذكرها اللغويون على أنها أسماء لتلك الأشياء، "فمثلا إذا أطلق شاعر كلمة الهَيْصم على الأسد من الهصم وهو الكسر، وأطلق عليه آخر الهرّاس من الهرس، وهو الدق، وضع أصحاب المعاجم الكلمتين على أنهما اسمان مرادفان للأسد"2.

ولا يعد ثراء لغة بكثرة مفردفاتها ومتردافاتها دليلًا على ثراء تلك اللغة، ولا أمارة على تقدمها من الناحية العقلية، فإن اللغة تستمد مادتها من جميع محصولات اللغة الخاصة بالحرف، والمهن، وبالحياة الروحية، كما تستمدها من جميع لهجات القبائل، وما نجده من كثرة مفردات ومترادفات في العربية، لا يعود إلى كون هذه العربية لغة قبيلة واحدة، أو عرب من العرب، وإنما بسبب كونه حاصل جمع لغات، جمعه العلماء من ألسنة متعددة فدونوه، فظهر الشيء الواحد وقد يكون له عشرة أسماء أو أكثر من ذلك أو أقل حسب كثرة أو ندرة استعماله بين العرب، فما كان مألوفًا عندهم، وكانوا في حاجة ماسة إليه، وكان استعمالهم له كثيرًا، وفوائده بالنسبة لهم عديدة، كثرت مسمياته، بل مسميات أجزائه كما كثرت عندهم صفاته، التي تتحول بمرور الزمن إلى أسماء، ولهذا نجد في العربية كثرة من الأسماء والألفاظ، هي في الأصل صفات ونعوت لخصائص أشياء3.

ومن أمثلة المترادفات في العربية: القمح، والبُر، والحنطة، قال علماء اللغة: القمح: البر، لغة شامية، "وأهل الحجاز قد تكلموا بها، وقد تكرر ذكره في الحديث. وقيل: لغة قبطية"4، والبر بالضم الحنطة، قال المتنخل الهذلي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015