قوله: "فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرتُهُ إلى الله وإلى رسولهِ"، الهجرة في اللغة: المفارقة وترك الوطن والذهاب إلى موضع آخر؛ يعني: فمن ترك وطنه من مكة وذهب إلى المدينة لنصرة دين رسول الله ولموافقته ولرضاء الله، فهجرتُهُ إلى ما هاجر إليه مقبولةٌ، مرضيةٌ، مُثابٌ عليها عن الله ورسوله.

قوله: "ومن كان هجرته إلى دُنيا يُصيبها"، (دنيا): وزنه (فُعلى) بضم الفاء، ولا يجوزُ دخولُ التنوين فيها؛ لأنها غيرُ منصرفٍ في المعرفة والنكرة، وهي تأنيث (أدنى)؛ يعني: (دنيا) نعت المؤنث، كما أن (أدنى) المذكر، و (أدنى) أفعل التفضيل من (دنا يدنو دنواً) , وأراد بدنيا ها هنا: متاعًا من متاع الدنيا.

(يصيبها)؛ أي: يجدها.

يعني: من كانت هجرته من مكّة إلى المدينة لأجل مالٍ يحصل من غنيمة، أو تجارة، أو اقتضاء دين له على رجل في المدينة وغير ذلك، فلا يحصلُ له إلا ما قصده.

قوله: "أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه"، قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: خطب رجل بمكة امرأةً، فأبت أن تتزوج به بمكة، وهاجرت إلى المدينة، فهاجر ذلك الرجل إلى المدينة، وتزوج بتلك المرأة، ويقال لتلك المرأة: أم قيس. قال ابن مسعود: يقال لذلك الرجل: مهاجر أم قيس؛ أي: الذي هاجر لأم قيس، لا لله ورسوله، فحدَّث رسول الله - عليه السلام - بهذا الحديث زجرًا له ولغيره أن يقصد شيئًا ظاهرُهُ طاعةٌ، وفي نيتهم غيرُ طاعة الله ورضاه.

° ° °

طور بواسطة نورين ميديا © 2015