[كِتَابُ عِتْقِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

أُمُّ الْوَلَدِ: هِيَ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فِي مِلْكِهِ. وَلَا خِلَافَ فِي إبَاحَةِ التَّسَرِّي وَوَطْءِ الْإِمَاءِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6] . وَقَدْ كَانَتْ مَارِيَةُ الْقِبْطِيَّةُ أُمَّ وَلَدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ أُمُّ إبْرَاهِيمَ بْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، الَّتِي قَالَ فِيهَا: (أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا) . وَكَانَتْ هَاجَرُ أُمُّ إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، سُرِّيَّةَ إبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَكَانَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ أَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِأَرْبَعِمِائَةٍ، وَكَانَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ. وَلِكَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ.

وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، مِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَرْغَبُونَ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، حَتَّى وُلِدَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ مِنْ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، فَرَغِبَ النَّاسُ فِيهِنَّ. وَرُوِيَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «كَانَ لِابْنِ رَوَاحَةَ جَارِيَةٌ، وَكَانَ يُرِيدُ الْخَلْوَةَ بِهَا، وَكَانَتْ امْرَأَتُهُ تَرْصُدُهُ، فَخَلَا الْبَيْتُ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَنَدَرَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ، وَقَالَتْ: أَفَعَلْتهَا؟ قَالَ: مَا فَعَلْت. قَالَتْ: فَقِرَّ إذًا. فَقَالَ:

شَهِدْت بِأَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ... وَأَنَّ النَّارَ مَثْوَى الْكَافِرِينَا

وَأَنَّ الْعَرْشَ فَوْقَ الْمَاءِ طَافٍ ... وَفَوْقَ الْعَرْشِ رَبُّ الْعَالَمِينَا

وَتَحْمِلُهُ مَلَائِكَةٌ شِدَادٌ ... مَلَائِكَةُ الْإِلَهِ مُسَوِّمِينَا

فَقَالَتْ: أَمَّا إذْ أَقْرَرْتَ فَاذْهَبْ إذًا. فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ، قَالَ: فَلَقَدْ. رَأَيْته يَضْحَكُ حَتَّى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015