الْكِتَابَيْنِ فِي نَبِيِّهِمْ وَكِتَابِهِمْ فَهُمْ مِنْهُمْ، وَإِنْ خَالَفُوهُمْ فِي ذَلِكَ، فَلَيْسَ هُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَيُرْوَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْفَلَكَ حَيٌّ نَاطِقٌ، وَإِنَّ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ آلِهَةٌ. فَإِنْ كَانُوا كَذَلِكَ، فَهُمْ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ.

وَأَمَّا أَهْلُ صُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَشِيثٍ وَزَبُورِ دَاوُد، فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ لِأَنَّهُمْ مِنْ غَيْرِ الطَّائِفَتَيْنِ، وَلِأَنَّ هَذِهِ الصُّحُفَ لَمْ تَكُنْ فِيهَا شَرَائِعُ، إنَّمَا هِيَ مَوَاعِظُ وَأَمْثَالٌ، كَذَلِكَ وَصَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صُحُفَ إبْرَاهِيمَ وَزَبُورَ دَاوُد فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ.

وَأَمَّا الَّذِينَ لَهُمْ شُبْهَةُ كِتَابٍ فَهُمْ الْمَجُوسُ فَإِنَّهُ يُرْوَى أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ فَرُفِعَ، فَصَارَ لَهُمْ بِذَلِكَ شُبْهَةٌ أَوْجَبَتْ حَقْنَ دِمَائِهِمْ، وَأَخْذَ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ.

وَلَمْ يَنْتَهِضْ فِي إبَاحَةِ نِكَاحِ نِسَائِهِمْ وَلَا ذَبَائِحِهِمْ دَلِيلٌ.

هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَتَحِلُّ نِسَاؤُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ.

لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْمَجُوسِ، كَانَ لَهُمْ عِلْمٌ يَعْلَمُونَهُ، وَكِتَابٌ يَدْرُسُونَهُ، وَإِنَّ مَلِكَهُمْ سَكِرَ، فَوَقَعَ عَلَى بِنْتِهِ أَوْ أُخْتِهِ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ، فَلَمَّا صَحَا جَاءُوا يُقِيمُونَ عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَامْتَنَعَ مِنْهُمْ، وَدَعَا أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ، وَقَالَ: أَتَعْلَمُونَ دِينًا خَيْرًا مِنْ دِينِ آدَمَ، وَقَدْ أَنْكَحَ بَنِيهِ بَنَاتِهِ، فَأَنَا عَلَى دِينِ آدَمَ قَالَ: فَتَابَعَهُ قَوْمٌ، وَقَاتَلُوا الَّذِينَ يُخَالِفُونَهُمْ، حَتَّى قَتَلُوهُمْ، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ أُسْرِيَ بِكِتَابِهِمْ، وَرُفِعَ الْعِلْمُ الَّذِي فِي صُدُورِهِمْ، فَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ «وَقَدْ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَأُرَاهُ قَالَ: وَعُمَرُ - مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ» . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَسَعِيدٌ وَغَيْرُهُمَا وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» . وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156] . وَالْمَجُوسُ مِنْ غَيْرِ الطَّائِفَتَيْنِ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» .

يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ غَيْرُهُمْ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ بَجَالَةَ، أَنَّهُ قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ الْمَجُوسِ، حَتَّى حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015