تأويل الفلاسفة لكيفية الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

تاسعا: تأويل الفلاسفة لكيفية الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عند تفسير قول الله سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ الذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ليْلاً..} (1: لإسراء) استطرد الفخر الرازي مفندا1 لشبهات منكري المعراج، فاستدل على وقوع المعراج بأن من يؤمن بنزول جبريل عليه السلام - من الملأ الأعلى - بالوحي، يجب عليه أن يؤمن بصعود الرسول صلوات الله عليه بجسمه وروحه ليلة المعراج؛ لأن معراج الرسول بجسده كنزول الملك وهو جسم.

ثم ذكر تأويل الفلاسفة - الذين يسميهم بالحكماء - لكيفية الوحي وهو: "زوال الحجب الجسمانية عن روح محمد صلى الله عليه وسلم، حتى يظهر في روحه من المكاشفات والمشاهدات بعض ما كان حاضرا متجليا في ذات جبريل عليه السلام".

ثم عقب الرازي على هذا التهافت الفلسفي بقوله: "تفسير الوحي بهذا الوجه هو قول الحكماء، فأما جمهور المسلمين فهم مقرون بأن جبريل عليه الصلاة والسلام جسم، وأن نزوله عبارة عن انتقاله من عالم الأفلاك إلى مكة"2.

ونحن نعقب: بأن رأي الفلاسفة هذا، اتباع للظن ومصادم لما جاء به القرآن في شأن جبريل عليه السلام، فالله سبحانه قد وصفه بأنه {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى، وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلى} (6، 7: النجم) ، فاستواؤه بالأفق الأعلى كما رآه رسول الله في بدء الوحي "سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض" فرآه على صورته الحقيقية3 التي خلقه الله عليها، وهذا يؤكد الجسمانية والحركة لجبريل عليه السلام ثم قال تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلى، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} (8، 9: النجم) ، فالدنو والتدلي والقرب هي حركات جسمانية من جبريل عليه السلام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015