ولاية هشام المؤيد ابن الحكم المستنصر

ولاية هشام المُؤيَّد ابن الحَكَم المستنصر* وتغلب المنصور بن أبي عامر

ثم ولي بعده ابنه هشام بن الحكم، يكنى أبا الوليد، أمه أم ولد اسمها: صبح، وسنه إذ ولي عشرة أعوام وأشهر، فلم يزل متغيبًا ولا يظهر ولا ينفذ له أمر. وكان الذي تغلب على أمره أولًا وتولى حجابته وتنفيذ أموره وتدبير مملكته، أبو عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر محمد بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن عامر المعافري القحطاني.

وكان أصل ابن أبي عامر هذا من المدينة المعروفة بـ الجزيرة الخضراء، من قرية من أعمالها تسمى طُرّش، على نهر يسمى وادى آرُوا، إلا أنه كان شريف البيت قديم التعين، ورد شابًّا إلى قرطبة، فطلب العلم والأدب وسمع الحديث وتميز في ذلك؛ وكانت له همة يحدث بها نفسه بإدراك معالي الأمور، وتزيد في ذلك حتى كان يحدث من يختص به بما يقع له من ذلك؛ وله في ذلك أخبار عجيبة، قد أورد منها الشيخ الفقيه المحدث الضابط المتقن أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي1 طرفًا في كتابه المترجم بوالأماني الصادقة، فمن جملتها قال الحميدي:

حدثني أبو محمد علي بن أحمد بن حزم2 قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن إسحاق التميمي قال:

كان محمد بن أبي عامر نازلًا عندي في حجرة فوق بيتي، فدخلت عليه في بعض الليالي في آخر الليل، فوجدته قاعدًا على الحال التي تركته عليها أول الليل حين فصلتُ عنه، فقلت له: ما أراك نمت الليلة! قال: لا، قلت: فما أسهرك؟ قال: فكرة عجيبة! قلت: فيماذا كنت تفكر؟ قال: فكرت إذا أفضى إليَّ الأمر ومات محمد بن بشير القاضي، بمن أستبدله؟ ومن الذي يقوم مقامه؟ فجُلْتُ الأندلس كلها بخاطري فلم أجد إلا رجلًا واحدًا.. قلتُ: لعله محمد بن السَّلِيم3؛ قال: هو والله هو؛ لشد ما اتفق خاطري وخاطرك!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015