الكتب إلى سائر الجهات يستنفر الناس ويحضهم على الجهاد ويرغبهم فيه، فاجتمعت له جموع عظيمة. وخرج يقصد جزيرة الأندلس مظهرًا للغزو والاحتساب، ويتمم أيضًا مع ذلك ما بقي عليه من مملكتها مما بيد محمد بن سعد المتقدم الذكر. فسار بالجيوش حتى نزل مدينة سلا، فأقام بها ينتظر تكامل العساكر، فاعتل علته التي مات منها -رحمه الله-.

وفاة عبد المؤمن وعهده لولده

وكانت وفاته -كما تقدم- في السابع والعشرين من جمادى الآخرة من هذه السنة، أعني: سنة 58.

وكان قد عهد في حياته إلى أكبر أولاده محمد، وبايعه الناس، وكتب ببيعته إلى البلاد؛ فأبى تمام هذا الأمر لمحمد هذا ما كان عليه من أمور لا تصلح معها الخلافة، من إدمان شرب الخمر، واختلال الرأي، وكثرة الطيش، وجبن النفس. ويقال: إنه مع هذا كان به ضَرْبٌ من الجُذام1، فالله أعلم.

ولما مات عبد المؤمن، اضطرب أمر محمد هذا واخْتُلف عليه اختلافًا كثيرًا؛ فكانت ولايته إلى أن خلع خمسة وأربعين يومًا، واتفقوا على خلعه في شعبان من هذه السنة. وكان الذي سعى في خلعه -مع ما قدمنا من استحقاقه لذلك- أخواه يوسف, وعمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015