صحبت براً وأنت بحر ... والجود والبر منك مُدَّا

فيا له من قران سعد ... حاسده بالردى تردا

لا عدمت مجدك المعالي ... ولا رأت من علاك فقدا

وسرت في دولة وأمن ... ما حمد الحَامِدون حمدا

ثم كررنا الوداع خارج المدينة، وعضدي بيده الكريمة، إلى أن أصعدني السفينة، ثم شمر ذيله ومضى، وأودع قلبي جمر الغضا، (ثم توركنا على المطية الدهماء، ونبطنا الولية الماشية على الماء)، ثم رُفع شراع السفينة ومرساها، وقلنا لأصحابنا (اركبوا فيها بِسمِ الله مَجْرَاها ومُرْسَاها)، ثم سارت بنا من تلك المرسى وسرت فيها وأنا أكفكف أمطار الدموع، وأخلب المدينة لأجل من فيها بالطرف الوامق والقلب الولوع، ولم أزل أتبعه ويتبعني بالبصر، الى أن غاب كل منّا عن النظر:

وقد علاني وعراني بعد حبي خَبَل

وكل من خاطبني قلت له قد رَحلوا

يقول من أبصرني وسوس هذا الرجل

(وتلك السفينة تهفوا بقوادم غربان، وتعطف بسوالف غزلان، وتنساب في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015