إليه أولئك الذين رفضوا المصلحة نهائيا1 ولأهمية هذا الحكم، ولسقوط كثير من حكام المسلمين في هذا الإثم نذكر شيئا من التفصيل، فنقول بعون الله:

إن الرجوع إلى كتب المذهب تكشف خطأ نسبة هذا الرأي إلى مالك، بل تثبت عكس ذلك تماما فهو يقول ((لا أقيم الحد إلا أن يقر بذلك آمنا لا يخاف شيئا)) (المدونة –ج 6. ص 93 طبعة السعادة) .

والذي يبدوا أن الرأي حرف عن سحنون! إذ قال: ((إن إقرار المتهم في حبس سلطان عادل إقرار صحيح)) لكن تفحص العبارة يفيد عكس التحريف الذي فهمت به، فهو يقيد صحة الإقرار بعدالة السلطان إن كان المتهم محبوسا.. مما يفاد منه أنه إذا كان ثمة إقرار لسجين في سجن سلطان غير عادل فلا قيمة له.. لأن السجن في مثل هذه الحالة يمثل لونا من الإكراه يشوب الإقرار ومن ثم يغدو مرفوضا، وإذا كان السجن يشكل وحده لونا من الإكراه. أفلا يشكله التعذيب؟!

ويشير الإمام الشاطبي في الاعتصام (ج 2 ص 293، 294- مطبعة المنار بمصر) إلى نفس الرأي السابق وينسبه إلى الإمام مالك ويشير إلى أن العذاب المقصود هو السجن، ونحسب أن الشاطبي بذلك نقل رأي سحنون على أنه رأي مالك فهو الذي رأى أن إقرار المتهم في حبس سلطان عادل يعتد به، وهو ما أشرنا إلى أنه يفيد عكس ما يقررون، ومع ذلك فقد أضاف الشاطبي إلى أن أصحاب مالك مضوا على الضرب لإمكان استخلاص الأموال من أيدي السراق والغصاب وأشار نقلا عن الغزالي إلى أن الإمام الشافعي لا يقول بذلك. (ص 295 نفس المرجع) .

ولقد نعلم أن البعض قد يحاجج بما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر إذ أمر الزبير أن يمس عم حيي بن أخطب بعذاب ليعترف على ما خبأه ابن أخيه، وبيان ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل في غزوة خيبر فصالحوه على أن يجلوا منها ولهم ما حملت ركابهم، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015