وقعتْ بشهوة، وإلاّ فلا، لأن هذا القول هو الأوْلى بالقبول بمراعاة أنّه لا تعارض بين ما ترجّح هنا وبين ما ترجّح بالنسبة لأحكام المصافحة للمرأة – على نحو ما سبق -, والذي ترجّح فيه الحرمة بالنسبة للمرأة الأجنبية، لأن المسألة التي معنا الآن - وهي مدى نقض الوضوء بالمصافحة - شاملة للأجنبيّة وغير الأجنبيّة، ولا يلزم من حرمة مصافحة الأجنبية نقض الوضوء بهذه المصافحة حيث إن الجهة منفكّة. وبهذا التوضيح يحصل التوفيق بين ما رجّحناه هنا، وما ترجّح من حرمة مصافحة المرأة الأجنبية، وما اتّفق عليه العلماء بشأن حرمة مصافحة المرأة الأجنبيّة عند تأكّد الفتنة بوجود الشهوة.

هذا، والذي دفعني إلى ترجيح هذا المذهب: أنّ القول به يؤدِّي إلى الجمع بين الأدلّة التي ظاهرُها التعارض؛ وهذا أوْلى من إعمال أحدِها وإهمال الآخَر. فهو مذهب وسط بيْن طرفيْن، يجمع بين الأدلّة، ويَدْفع التعارض عن سُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هذا فضلاً عن أنّ القول به فيه: رفْعٌ للحَرج ودفْعٌ للضرر الذي يترتّب على القول بنقض الوضوء مطلقاً. كما أنّ القول بعدم نقض الوضوء بالمصافحة مُطلقاً حتى ولو تحقّقت الشهوة قولٌ فيه تساهل واضحٌ لا يُمكن أن تطمئنّ النفوس إليه، خاصّة وأنّ القول به يفتح مجالاً لمرضى القلوب والنفوس لِيَزيغوا عن سبيل الهدى والرشاد. والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015