وقد رغب المسيحيون في التبشير بدينهم بين المسلمين، فأقبلوا على الاستشراق ليتسنى لهم تجهيز الدعاة وأرسالهم إلى العالم الإسلامي، ومن أمثال هؤلاء بيننا الآن - دكتور جون بادو - السفير الأمريكي بالقاهرة، والذي كان من قبل مدير الجامعة الأمريكية بالقاهرة.

والتقت مصلحة المبشرين مع أهداف الاستعمار، فمكن لهم، وأعتمد عليهم في بسط نفوذه في الشرق. وأقنع المبشرون والمستشرقون زعماء الاستعمار بأن المسيحية ستكون قاعدة للاستعمار الغربي في الشرق. وبذلك سهل الاستعمار لهم مهمتهم، وبسط عليهم حمايته، وزودهم بالمال والسلطان، وهذا هو السبب في أن الاستشراق قام في أول مرة على أكتاف المبشرين والرهبان، ثم اتصل بالاستعمار.

وقد حاول المستشرقون أن يحققوا أهدافهم بكل الوسائل: ألفوا الكتب، وألقوا المحاضرات والدروس، وبشروا بالميسحية بين المسلمين، جمعوا الأموال وأنشأوا الجمعيات، وعقدوا المؤتمرات، وأصدورا الصحف، وسلكوا كل مسلك ظنوه محققاً لأهدافهم.

ومن المبشرين نفر يشتغلون بالآداب العربية والعلوم الإسلامية، أو يستخدمون غيرهم في سبيل ذلك، ثم يدفعون هؤلاء إلى أن يوازنوا بين الآداب العربية والآداب الأجنبية، أو بين العلوم الإسلامية والعلوم الغربية التي يعتبرونها نصرانية، لأن أمم الغرب تدين بالنصرانية، ليخرجوا دائماً بتفضيل الآداب الغربية على الآداب العربية والإسلامية، وبالتالي إلى إبراز نواحي النشاط الثقافي في الغرب، وتفضيلها على أمثالها في تاريخ العرب والإسلام، وما غايتهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015